هل بقي العلم من حقّ الجميع..؟

العلم والثقافة أهم سمتين يجب أن يتغنّى بهما الإنسان الراقي.. لكن هل هناك من يدعمهما حقاً..؟؟!

مذ أصبح العلم أحد أهم أهداف الأفراد والهيئات والمؤسسات في المجتمع، بات الدعم الفعليّ لهذا المجال بعدما كان (الكتّاب لتعليم القرآن) أول وسيلة للتعليم، تطور الأمر حتى أُنشئت مدارس حَوَت عدداً من التلاميذ في مختلف مراحل التعليم الذي صار إلزامياً في مراحله الأولى..

تميّز التعليم عندنا في سورية بأنه مجّانيّ نوعاً ما في المرحلة الأساسية.

هل كلمة مجانية منطقية ومقبولة في زمننا هذا؟!

باتت كلمة مجّاني في حاضرنا اليوم معيبة، لأنه لم يعد هناك شيء مجاني حتّى الهبة لم تعد دون مقابل لأن لها أهداف ومرامي بعيدة أحياناً..!

لنكن موضوعيين ولنتغلغل في هموم الشعب على الصعيد الماديّ..فقد أنهكت الأزمة ظهور المواطنين بالكم الهائل من الأثقال التي حملوها!

لم ترحم تلك الأزمة أحداً لا فقيراً ولا غنياً.. فما هو حال الطلاب الذين يكافحون للحصول على العلم والمعرفة وتحسين مستواهم الإنساني والمادي..؟

حاصر الوضع السوري الصعب طلابنا في جميع مجالات حياتهم سواء في العلم أم في العمل!

 صحيح أن التعليم الأساسي في المدارس مجاني، لكن مستلزماته المختلفة من القرطاسية وثياب المدرسة و المواصلات وحاجات الطالب اليومية ليست بالمجّان!! خصوصاً بعدما خلقت الأزمة تجاراً محترفين ومجرمين مصّوا دماء الشعب قدر جشعهم وطمعهم بلا أخلاق ولا ضمير!

وصلت أسعار لوازم المدارس إلى حدود لا يتخيلها عقل سوري كان يشتريها قبل الأزمة بأقل من ربع ثمنها الآن! لكن معظم الأهالي دفعوا (دم قلبهم)، كما يقولون، حتى وصل أبناؤهم إلى المراحل الأكاديمية، وهنا استقبلهم النهب الماليّ بكلّ قدراته وتنوعاته..

وعندما تُشرّع الأبواب لهم ليدخلوا تلك المرحلة تستقبلهم الحواجز المالية التي تبدأ بسحب أموالهم تباعاً عند المرور على كلّ حاجز.. ولا ننسى أنه إذا كانت تلك الكلية إحدى خيارات التعليم المفتوح أو الموازي أو حتى الخاص!فهذه الخيارات تكون سبيلاً آخر إن لم ينجح الطالب في تحصيل معدّل يؤهله لحجز مقعدٍ في صفوف التعليم النظامي شبه المجّاني.

لم يعد التعليم متاحاً للجميع بعد أن دخل مجال الاستثمار، وبعد أن شرّعت الجامعات الخاصة أبوابها وحساباتها المصرفية، فجارتها في ذلك الجامعات الحكومية التي أحدثت نوعيات من التعليم ليست مجانية بضمنها الموازي والمفتوح، فأصبح همّ تأمين الحاجات المادية لها حين تكون الخيار الأخير والأقسى يشبه حبلاً يخنق الآمال مثلما يخنق الطموح وأعناق الأولياء.

ضاق الوضع على الطلاب من جميع الجهات، فرغم وضع الأهالي المالي الصعب لم تحكِ الدوائر الحكومية إلا كلمة (هات)! هذا من الناحية المادية ،أما إن جئنا إلى وضع الطالب في القطاع الدراسي، فالظلم زاد حدّه في معدله وفي تصحيح أوراقه.. إلخ، فإهمال الموظفين والمدرّسين (معظمهم) أضحى يشلّ تفوّق الطلاب وهذا ما يحصل من المرحلة الأساسية إلى الجامعية دورياً.

يضيع حق الطلاب دون أن يكون لهم أي مجال للتعبير عن قهرهم.. وكلّ ما عليهم هو السكوت و(الجرجرة) في كلّ معاملة فشلت ليعاودوا ثانية من البداية ويتكرر هذا على الدوام مع الطلاب.

كل يوم يزيد الوضع سوءاً عليهم.. ففئة الشباب طالبي العلم هم الفئة التي لا ناقة لهم ولا جمل في هذه الحرب، وما من وسائل متاحة تفتح الطريق أمامهم ولا حتى من وسائل خارج الحدود، خصوصاً الآن وفي هذا البلد الذي أصبح المستقبل الوحيد فيه للشبان الذكور هو الالتحام مع السلاح على الجبهات، أما النساء فسيناضلن، علّ العلم يصبح أحد إنجازاتها، فتستطيع النهوض ما أمكن ببلد دمرته حرب السلاح والفساد وانهيار القيم والأخلاق على مختلف المستويات الرسمية والشعبية!!

العدد 1105 - 01/5/2024