الرقميات احتلّت عالمنا!

ما كانت أحوالنا إلا أحوال كلّ الناس البسطاء قبل سيطرة العولمة على حيواتنا. باغتنا العالم الافتراضي على أنّه أحد أساسيات الحياة المعترف بها (كالجنس والغذاء) وجاعت الأجيال كلّها طالبةً هذا الغذاء الرقميّ!

بعيداً عن السلبيات التي كانت السبب الرئيسي في انحدار أخلاقنا، ذاك أننا لم نعرف تماماً كيف يتم التعامل مع التكنولوجيا.

فمعظم المجتمعات نُوّمت مغناطيسياً بالفعل كما أراد لها صنّاع العولمة! ولم يعد أحد غبياً اليوم عمّا تحاول المستعمرات الغربية زرعه في عقول أطفال العالم لتمحو من أذهانهم أصولهم الأخلاقية والعقائدية وتفسدها!

اليوم لم يعد الحمام الزاجل همزة وصل ولا حتى السكك الحديدية والسيارات ولا حتى الهواتف!

فبعدما خلق الله عالم الدنيا وعالم البحر، جاؤوا هم ليخلقوا عالماً جديداً منفصلاً انفصالاً تاماً ومتّصل اتصالاً تاماً بهم ! و قام هذا العالم بحلّ معظم صلاتهم لتصبح تلك الوسيلة الوحيدة للاتصال. لكن استطاع الناس أن يتأقلموا معه، ومن ثم توحّد مع دمنا كلنا كباراً ويافعين

غير أنه من الجدير ذكره، هو أن هذه الوسيلة لا تمتلك سلبيات بحتة، فلكل شيء جانب رديء و آخر جيد، فقد كان هذا العالم الافتراضي عبارة عن عملية إنقاذ بالنسبة للكثيرين كما لو أخذنا على سبيل المثال العاملين في البنوك أو المديريات أو الشركات وكلّ ما يتعلق بأجهزة الحاسب يحتاج إلى الإنترنت لضرورة عمله. وغير ذلك، فالبعض من الشبان اليوم يلجؤون للإنترنت كونه يقدم لهم جميع المعلومات وأهمها دون عناء البحث الطويل في الكتب، ولا ننكر أنّ الإنترنت ساهم بشكل كبير في إنشاء علاقات اجتماعية افتراضية بين جميع أبناء العالم، ومتّن العلاقات بينهم جيداً ..

ونجد اليوم أيضاً أشخاصاً يمتلكون علاقة صداقة حميمية وقوية، وعمرها ربما سنين وربما من مناطق ليست ببعيدة، وبالرغم من هذا استطاعوا أن يختصروا المسافات ويصلوا إلى هذا الحدّ من الاتفاق..

أخيراً نستنتج أن لكلٍّ من العالمين الواقعي والافتراضي أضراراً ومنافع، لكن المشكلة بطريقة تعاملنا مع هذا العالم الجديد الذي احتلّ عالمنا!!

العدد 1105 - 01/5/2024