تركيا تدخل سورية!

 دخلت قوات تركية سورية من أجل إقامة منطقة عازلة لوقف الاندفاعة الكردية للسيطرة على كامل الحدود الشمالية، ومن أجل السيطرة على ممر الأسلحة لكسر الحصار السوري للجزء الذي يسيطر عليه الإرهابيون في غرب حلب، ولكن الأمم المتحدة لم تقر العملية ووصفتها الحكومة السورية بالعمل العدواني.

وفي غضون ذلك قُتل الشخص الثاني في قيادة داعش، في عملية، واستسلم الإرهابيون الذين يسيطرون على داريا، البلدة الرئيسة في محافظة ريف دمشق، بعد مفاوضات مع الجيش العربي السوري. ويظل الوضع في حلب متوتراً.. يسحق الجيش العربي السوري وقوات الدفاع الوطني وحزب الله اللبناني، مدعوماً بالطائرات الحربية الروسية والسورية، العصابات الرجعية المدعومة من منظمة حلف شمال الأطلسي على طول الطريق الوحيدة التي لاتزال مفتوحة إلى الجزء الذي تسيطر عليه العصابات من المدينة، ويتوقع حدوث اندفاعة أخرى لقطع الطريق كلياً في الأيام القليلة القادمة.

أخبرت سورية الأمم المتحدة أن (حكومة الجمهورية العربية السورية تندد بأشد العبارات بالانتهاكات والهجمات والمجازر التي يرتكبها النظام التركي ضد الشعب السوري ووحدة أرض وسيادة الدولة السورية لأكثر من خمسة أعوام). ودعت سورية مجلس الأمن الدولي إلى التنديد بهذه الجرائم الجبانة واتخاذ إجراءات فعالة لإرغام تركيا على وقف دعم الإرهاب وتدخلها في الشؤون الداخلية السورية.

اجتازت القوات والدبابات التركية الحدود إلى سورية في 24 آب، بزعم طرد داعش من المنطقة الحدودية، ولكن الهدف الحقيقي لعملية (درع الفرات) هو وقف اندفاعة الميليشيا الكردية السورية لتوحيد القسم الغربي والشرقي من منطقتهم (روج آفا) ذات الاستقلال الذاتي التي تطالب بكل منطقة الحدود مع تركيا.

سار (الجيش الحر) والعصابات الأخرى المدعومة تركياً، بمساندة من قوات وطائرات حربية تركية، إلى البلدة الحدودية الرئيسة جرابلس في اليوم الأول من الغزو، ومع أنهم زعموا استهداف داعش، لم يطلق الأتراك رصاصة واحدة على تنظيم داعش الذي انضم في الحقيقة إلى الجيش التركي وحلفائه الإرهابيين لمساعدتهم في جرابلس.. وهذا ليس مفاجئاً، فقد كانت تركيا في الماضي (الملاذ الآمن) لداعش، في حين جنى أقارب أردوغان ثروة من التجارة غير المشروعة بالنفط مع داعش. ولكن الميليشيات الكردية دافعت عن عدد من القرى في المنطقة التي وقعت الآن بيد الأتراك. يقول الأكراد إنهم أعطبوا ثلاث دبابات تركية ويزعمون أن الأتراك عذبوا أسراهم وقتلوا أكثر من خمسين مدنياً خلال القتال.

أصدر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بياناً وصف فيه أعمال الجيش التركي في سورية بالغزو، وقال إن تركيا لم تنسق أعمالها مع الأمم المتحدة.. كانت هذه لفتة تافهة، لأن التحرك التركي مدعوم كلياً من قبل الإمبريالية الأمريكية التي تقف وراء كل المحاولات لـ(تغيير الحكومة) في سورية.

كان هذا درساً مرّاً لأكراد روج آفا.. لقد لعبوا اللعبة الأمريكية، قبلوا المساعدة الأمريكية، وقبلوا قوات خاصة أمريكية في صفوفهم للمساعدة في قتال داعش.. وتبنوا موقفاً انعزالياً من الحكومة المركزية السورية، ما أدى إلى صدامات مسلحة مع الجيش العربي السوري.. فعلوا ذلك باعتقاد خاطئ أنه سيساعد في كسب دعم الولايات المتحدة (اتحاد شمال سورية) المستقل ذاتياً.. واكتشفوا الآن أن هذا لم يكن ممكناً أبداً عندما أخبرتهم واشنطن أنهم سيخسرون كل الدعم الأمريكي إذا لم يعملوا كما يقول الأتراك.

ندد بالغزو حزبُ العمال التركي، وهو حزب ماركسي لينيني، تأسس عام 1996. قالت سلمى غوركان رئيسة حزب العمال التركي: (لم تجلب سياسة حزب العدالة والتنمية تجاه سورية شيئاً سوى البؤس والموت لشعوب المنطقة. إن الدعم الذي قدمته للقوى التكفيرية المسلحة جلب ظروف الحرب إلى داخل حدودنا.. وكانت نتيجة الفوبيا الكردية الحكومية الفوضى ضمن الحدود السورية والتخريب في الداخل).

(يجب أن ترفع تركيا يدها عن سورية، وتوقف دعم العصابات المسلحة، وتتجنب الاتفاقات مع القوى الإمبريالية التي ستواصل حمام الدم في المنطقة. إن إصرار تركيا على السيطرة على أجزاء من سورية، يعني استمرار التخريب لكل من الشعبين التركي والسوري).

عن (نيو ووركر) البريطانية

العدد 1107 - 22/5/2024