الإخلاص.. قيمة كبرى لا تتجزأ

يمتلك الإنسان جملة من القيم والمبادئ الأخلاقية التي تحكم حياته، والإخلاص هو إحداها، ومن وجهة نظري يعتبر من أهمها وأرقاها.

ولكونه قيمة كبرى، فإنه لا يمكن أن ينحصر فقط في العلاقة بين الرجل والمرأة، ذلك أن هذا الحصر يفرغه من محتواه الأكبر كقيمة أخلاقية بالشكل العام، فكما هي الأخلاق كل متكامل لا يتجزأ، فالإخلاص أيضاً لا يمكن أن يتجزأ، فمن يكون صادقاً يكون مخلصاً وملتزماً ونبيلاً و.. و.. إلخ، بينما لا يمكن أن يحمل الإنسان أحد هذه المفاهيم ولا يحمل المفاهيم الأخرى المرتبطة به، ومن هنا أرفض أن يحصر الإخلاص في إطار العلاقة الثنائية فقط، فمن يمتلكه يكون مخلصاً بكل مجالات حياته، بمعنى أنه حكماً سيكون مخلصاً في البيت والعمل وعلاقات الصداقة وتربية أبنائه وعلى كل المستويات وصولاً إلى إخلاصه لأفكاره على طول حياته.

وعلى هذا، فإن فكرة الإخلاص هنا لن تتعلق بذكر أو أنثى، برجل أو امرأة، إنه في هذه الحال صفة إنسانية لا علاقة لها بالجنس.

لكن جملة العادات والتقاليد التي يقوم عليها المجتمع، تلبس المرأة لبوس الإخلاص أكثر من الرجل، ذلك أن عقاب المجتمع للمرأة كبير جداً، في حال أخلّت بهذه القيمة، فيصبح أسلوب التعامل معها أقسى وأشد فظاظة وربما يؤدي إلى النفي المجتمعي، بينما المجتمع ذاته يجد المبررات للرجل ويقيه ألم العقاب الذي يفرضه على المرأة، حتى لو كان جرمه كبيراً لدرجة تدمير أسرة برمتها، أو إنهاء حياة كاملة. وبذلك، ليس من حقنا أن نضع مقاييس الإخلاص حسب رؤانا الخاصة، إنه قيمة أخلاقية كبرى غير قابلة للتجزيء أو التفصيل، فلا نشرعه متى شئنا، ولا نلغيه على هوانا..

العدد 1104 - 24/4/2024