نحو رؤية متكاملة

ساهم المهندس غسان عبد العزيز عثمان، الأمين العام لحزب العهد الوطني، عضو القيادة المركزية للجبهة الوطنية التقدمية، برؤية حزب العهد الوطني،  لما صدر عن الحزب الشيوعي السوري الموحد، حول مستقبل البلاد بعد الأزمة، جاء فيها:

 سرّنا جداً أن يتصدّى حزب سياسي عريق لمهمة وطنية كبرى في هذا التوقيت بالذات، وأن يتقدم برؤية حول مستقبل البلاد بعد الأزمة، ومبعث سرورنا يأتي من أن المهمة نبيلة وأن الحزب رائد في الوطنية عبر تاريخه الكفاحي، ولا نشك أبداً في أنه مخلص الإخلاص كله فيما ذهب إليه من طموحات، وما رمى إليه من أهداف تصب أولاً وأخيراً في البحث جدياً عن قواسم مشتركة يتوافق عليها أو يتفق عليها أغلبية مطلقة من السوريين الحريصين على حاضر أجيالهم ومستقبلهم.

والوطن اليوم يعيش ويكابد من أنواع الدمار والخراب، ما لم يشهده بلد في العالم من قبل، ولم ير هذا القتل المجاني والموت الذي يكاد يستوطن فيه بعد استهدافه على هذا النحو الحاقد من أعداء، أخطرهم مَن كان إلى الأمس القريب شقيقاً أو صديقاً، قبل أن تتكشف الحقائق وتتضح أهدافهم ومراميهم.. وقد التقت مصالحهم وتقاطعت مع العدو الخارجي صاحب المشروع التدميري الشامل لبلداننا العربية، والمخطِّط لكل ما جرى أي الولايات المتحدة وإداراتها المتعاقبة، وإسرائيل، ومع هذه الأدوات المنفذة وصاحبة المشروع التدميري للإنسانية والقيم والمثل العليا بلباس ديني، أي الإرهاب الظلامي التكفيري وجميع مفرداته المتطرفة والمعتدلة.

وقد ظهر دور المحرك الأساسي لهذه الجماعات جلياً في العدوان الأمريكي على قواتنا المسلحة في الشعيرات، بذريعة مفبركة أو حتى بلا ذريعة، أي عبر الزعم بوجود خطأ في جبل الثردة.

لقد اطلعت، بكثير من الاهتمام، على ما تضمنته هذه الرؤية من أساسيات يبنى عليها وأفكار نلتقي معها ونحملها في جوانحنا، وتمثل عندنا ثوابت وطنية ننطلق منها للبناء.. ولاسيما ما يتصل بتحديد هدف المؤامرة على سورية، أي تحطيم الدولة الوطنية السورية، وأن الهدف من طرح هذه الرؤية والحوار والنقاش حولها هو الدعوة إلى تغيرات عميقة في بنية النظام السياسي تؤمّن اتباع النهج الديمقراطي التعددي القائم على مبدأ المواطنة والمساواة وتكافؤ الفرص لجميع المواطنين السوريين، بما يضمن الوصول إلى الدولة الوطنية الديمقراطية العلمانية والتقدمية.

وفي هذا الصدد نثمّن عالياً دعوتكم وتأكيدكم على ما يلي:

– تفعيل دور الجبهة الوطنية التقدمية وفروعها في جميع المجالات، باعتبارها هيئة سياسية مهمتها المشاركة في رسم سياسة الدولة ومراقبة تنفيذ خططها وبرامجها، إضافة إلى أنها تمثل نواة الوحدة الوطنية والتعددية الحزبية والسياسية، ويمكن لها أن تلعب دوراً فاعلاً ومؤثراً في المسارين السياسي والعسكري لحل الأزمة، والانتقال إلى مجتمع ما بعد الحرب.

* استكمال مهمة الدفاع عن الوطن بكل أبعادها وتحرير ما هو تحت سيطرة الإرهابيين، ونرى أن هذا الهدف يحتاج إلى التفاف واسع وكبير حول قواتنا المسلحة والقوات الرديفة والحليفة والصديقة التي باتت اليوم في خندق واحد يحارب الإرهاب ويواجه تحديات كبيرة من المعسكر المعادي لسورية بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية التي تحاول تنفيذ مخططاتها القديمة لتعميم (الفوضى الخلاقة).

على أن يظل هدف القوى الوطنية، وهي تسعى لبناء الدولة، الحفاظ على السيادة السورية وحرية واستقلال وإرادة الإنسان السوري، وصون حقوقه في اختيار نظامه وقيادته ودستوره، وتحديد مستقبله دون تدخل أو إملاء خارجي، على أن تضع الأحزاب والنخب الفكرية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية الآلية الأكثر جدوى لمساهمة جميع المواطنين في إعادة الإعمار.

* إنقاذ المواطنين من الفساد ومن جنون الأسعار، من جشع التجار والمستغلين لظروف الأزمة.

* محاربة التطرف الديني.

* تحرير الجولان من الاحتلال الإسرائيلي الغاشم.

* اعتماد المصالحات المحلية والتسويات كخطوة أولى على طريق المصالحة الوطنية الشاملة من خلال مؤتمر موسع للحوار السوري – السوري، تشارك فيه معظم القوى الراغبة في العمل الوطني، على أن تعمل جميع الأحزاب على توفير المبررات لمثل هذه المصالحات.

* الوقوف بحزم في وجه أي ظاهرة أو نزعة انفصالية أو تقسيمية في سورية.

وأن نشير بوضوح إلى أن أخطر ما أفرزته هذه الحرب ومما يعد من تداعياتها السلبية هو اضمحلال وجود الطبقة الوسطى وتقلّص دورها وانحساره، وهي التي كانت تشكل على الدوام عامل استقرار وصمام أمان، وكذلك لعبت دوراً في التوازن الاجتماعي والطبقي، وكانت حاضنة للمجتمع الأهلي ونشاطاته على كل صعيد. وفي هذا الصدد نثمّن كل جهد يُبذل لاستعادة دور هذه الطبقة وتعزيز وجودها، مع تشجيع المجتمع الأهلي ومساعدته على إعادة بناء هيئاته.

ونؤكد أننا في حزب العهد الوطني الذي ربطتنا وإياكم على الدوام روابط الكفاح المشترك ضد المستعمر، وسعينا المشترك لاستنهاض الوطنية السورية، وتعزيز الحياة السياسية القائمة على التعددية وحرية الصحافة وحرية الأحزاب ووجود معارضة وطنية تكون شريكاً في النظام السياسي لا عدواً يأتمر بأوامر خارجية، أو تلتقي وترتبط مصالحها بمصالح دول خارجية، نقدر كل جهد تبذله أحزابنا السياسية منفردة أو مجتمعة، ونراه مهمة وطنية في ظرف استثنائي نتمنى أن يزول ويعود الوطن معافى موحداً وقد حقق النصر الكبير على المشروع الاستعماري – الصهيوني.

دمشق في 12/4/2017

 

 

 

العدد 1107 - 22/5/2024