«رحلة فيليكس السماوية».. على صفيح افتراضي ساخن

بعد أن نجح النمسوي المغامر (فيليكس بوماجنتر) في خطوة جريئة، بتحطيم الرقم القياسي عالمياً بقفزه بجسده فقط ودون محركات ليحقق بذلك تخليداً لاسمه في التاريخ.

وبعيداً عن تفاصيل هذه المغامرة وما واجهه (فيليكس) من مخاطر في هذه (الرحلة السماوية)، التي حقّق فيها سبقاً لم يسبقه إليه في تاريخ البشرية أحد، بعد أن قام إنسان بخرق حاجز الصوت بدون أي معدات، متحدياً موتاً مباغتاً قد يحصل، وليس سحراً أن يتحول بعدئذ إلى (بطل تاريخي). فهذه القفزة الفريدة والأولى من نوعها في العالم مدهشةٌ ورائعة. ولكن أكثر ما شدني إثر تحقيق سبقه هذا، هو التعليقات التي أطلقها الساسة والعامة العرب عبر صفحاتهم في المواقع الاجتماعية التواصلية، وأشهرها (الفايسبوك) و(تويتر)، لتصبح هذه القفزة واحدة من أكثر الموضوعات شعبية تناولاً. ناهيك بالعشرات من الرسوم الكاريكاتورية، وآلاف (الفيديوهات) التي أظهرته (مخترقاً) الفضاء بهشاشة جسمه، والتي نشرت على الصفحات، مرفقة بآلاف (اللينكات).

فالمشهد كان مبهجاً، مليئاً بالخوف. حتى الآن وبعد مضي أيام على قفزته التاريخية لا يزال الفرح نفسه يتداوله الناس وبالحماسة عينها، مشاهد تركت للملأ باندهاش، ناهيك بصور الوكالات، إذ أخذ البعض على عاتقه (وظيفة) صحفية في البث والتعليق الدائم، لإبراز الخبر مشوّقاً  ودسماً.

من تلك التعليقات الطريفة (في زمن الإخوان) أن (فيليكس) هبط على الأرض سالماً، من دون (أن يركع ساجداً). كما علق البعض ساخراً، ومعه حطت آلاف التعليقات ضاحكة وخائفة ومشدوهة ومنتقدة، على حدث سيظل عالقاً في ذاكرة الناس. في حين اكتفى الصحافي حسام كنفاني على جداره بنقل نكتة مصرية   تداولتها بعض الصفحات الافتراضية: (سألوا فليكس إيه اللي كان بيحمسك في تدريبات القفز؟ قال بعد ما شفت الإخوان وقفزهم على الثورة المصرية وركُوبها عرفت إن مفيش حاجة مستحيلة).

ومن تغريدات (تويتر) نقرأ لإحداهن قولها: (فيليكس في الفضاء يكتب التاريخ، ونحن نريق الدماء لنكتب دستورًا). وأضاف آخر تعليقاً، يحاول فيه إبراز من يحكم مصر اليوم: ((سألوا فيلكس بعد ما نط من خارج الغلاف الجوي: ماذا رأيت؟ قال : خير اللهم اجعله خير ! شفت ما يقرب من 50 بوستراً في الفضاء  لحازم صلاح أبو إسماعيل).

وغرد آخر قائلاً: (لديهم علماء من السماء إلى الأرض ، ولدينا علماء للحفاظ على العرض، ولديهم علماء من الأرض إلى الفضاء، ولدينا علماء في الوضوء والسفور).

وفي (تويتر) غرد بعض السياسيين المصريين تعليقاً على (الرحلة السماوية)، ومن أشهر تلك التغريدات، قول الدكتور محمد البرادعي: (قفزة فيليكس في الجو قبل الدستور هو منتهى الديكتاتوريه). وغرد القيادي القومي حمدين صباحي قائلاً: (أطالب بإعادة الانتخابات بعد القفزة).

ومن تعليقات الشباب التونسي نقرأ لأحدهم: (فيليكس قفز من علو 38 كلم .. حضَّر للقفزة هذه مدة خمس سنين .. كل شيء مدروس بالمليمتر .. قفزة من أجل أن يستفيد منها الغرب كثيراً في علم الفيزياء.

و في نفس الوقت .. إحنا عنا مختل عقلياً من الساسة الجدد يفسر فوائد زواج الشيخ من طفلة عمرها 13  سنة، و يعطينا نظرية فلسفية للمسألة .. ما بعرف نضحك وإلا نبكي ..).

الأزمة السورية أيضاً لم تكن غائبة عن غابة التعليقات، فقد غرد أحدهم قائلاً: (قفزة فيليكس إلى أسفل تستحق الإعجاب فعلاً… ولكن الذي يستحق الإعجاب أكثر… هم عشرات الشهداء في سورية.. الذين قفزوا اليوم إلى أعلى! ).

وأضاف آخر في تغريدته: (فيليكس يصل من الفضاء للأرض في ثلاث دقائق، وأنا أروح الجامعة اللي في نفس الكوكب والبلد في ساعتين).

وغرد آخر، قائلاً: (تخيل أنك الآن في الفضاء، وستقفز كما فيليكس .. فأي نقطة في الأرض تتمنى أن تقفز عليها ؟ أنا سأختار أن أقفز في قلب وطني سورية).

وفي تهكم على قدرات العدو الصهيوني العسكرية بعد اختراق طائرة (حزب الله) للأجواء الفلسطينية المحتلة، وما تعيشه منطقتنا العربية، كتب أحدهم على جداره الفايسبوكي: (فيليكس كشف بالكاميرات قدرة الإنسان على ركوب الخطر، وطائرة أيوب كشفت كاميراتها (إسرائيل) وما بها من عور، وكاميرات الأنظمة ما زالت تلاحق رعاياها وكأنهم بقر).

ومحاكاة لما تعيشه بعض بلداننا العربية، أضاف آخر على جداره (الفايسبوكي): (النظام العربي أمهر من فيليكس، فهو يرسل المعارضين من الأرض إلى السماء بسرعة الضوء وليس الصوت).

ومن التعليقات الساخرة أيضاً قول إحداهن على جدارها ساخرة: (انتظر العالم من سيُحدِثُ ضجة في عالم الفيزياء، إلا العرب كانوا ينتظرون إن كان سيموت أم لا).

فيما قام آخرون بوضع تعليقاتهم الساخرة من حال (فيليكس) الخطير متسائلين: (لو لم تفتح المظلة مع فيليكس، كان صار كورن فلكس). وقال آخر مغرداً: (النطة دي فوتوشوب).

العدد 1105 - 01/5/2024