(ربيع أوربا) و(الربيع العربي)

تعرضت الولايات المتحدة وأوربا إلى أزمة اقتصادية ومالية منذ عام 2008، كانت نتيجة لتطورات النظام الرأسمالي وأزمته المستمرة، وقد عولجت هذه الأزمة بزيادة هائلة في الإنفاق استمر حتى نهاية 2010. ولكن مع بروز ظاهرة الديون السيادية وتفاقمها، ومع تراجع معدلات النمو، بدأت الدول الأوربية ببرامج تقشفية لمواجهة التزاماتها تجاه الديون، ما يعني خفض الإنفاق الحكومي وزيادة الضرائب، مما انعكس على مستوى احتياجات الفرد والمجتمع، وعمّ الاستياء جميع الفئات المجتمعية في رفض دائم لسياسة التقشف. فكانت المظاهرات والاضطرابات الاجتماعية التي أدت في إطار المسيرة الديمقراطية عن ما يمكن تسميته (الربيع الأوربي) إلى إسقاط تسع حكومات أوربية عن طريق صناديق الاقتراع.

في دولة ما: في إطار (الربيع العربي) وتحت أوهام وضعت، والترويج لها في مؤسسات ومراكز التفكير والإعلام في الولايات المتحدة وأوربا، أوصلت الممارسات السياسية والأمنية والسياسات الاقتصادية والاجتماعية، فئات الشعب المختلفة في (دولة ما) إلى حالة الإحباط واليأس نتيجة البطالة والفقر والتهميش والاستبعاد والفساد. فلم تجد أمامها سوى التشبث بأوهام (الربيع)، فخرجت إلى الشوارع والساحات، خربت وهجّرت ودمرت، وأدت إلى تحويل (دولة ما) إلى ساحة للدماء والدمار، وتحول (الربيع) إلى خريف يحمل بوادر شتاء قارس لن تحتمل قسوته، وحولت (العربي) إلى (ساحة اقتتال الغرب على أرض عربية).

العدد 1107 - 22/5/2024