أن تذهب إلى المريخ… بلا عودة!

Normal
0

false
false
false

EN-US
X-NONE
AR-SA

MicrosoftInternetExplorer4

/* Style Definitions */
table.MsoNormalTable
{mso-style-name:”Table Normal”;
mso-tstyle-rowband-size:0;
mso-tstyle-colband-size:0;
mso-style-noshow:yes;
mso-style-priority:99;
mso-style-qformat:yes;
mso-style-parent:””;
mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt;
mso-para-margin:0cm;
mso-para-margin-bottom:.0001pt;
mso-pagination:widow-orphan;
font-size:11.0pt;
font-family:”Calibri”,”sans-serif”;
mso-ascii-font-family:Calibri;
mso-ascii-theme-font:minor-latin;
mso-fareast-font-family:”Times New Roman”;
mso-fareast-theme-font:minor-fareast;
mso-hansi-font-family:Calibri;
mso-hansi-theme-font:minor-latin;
mso-bidi-font-family:Arial;
mso-bidi-theme-font:minor-bidi;}

سواء أكان الرجال من المريخ، أم النساء من الزهرة، فهذا لا يغير من حقيقة الدعوة إلى السفر للمريخ، فقد يكتشف من يذهب كوكباً صالحاً للحياة، ولإنجاب ذرية فضائية يكون متخيلها حكايات الأرض، إذ لا يحتمل ساكنوها كوكباً مليئاً بالإثارة و(الأكشن). ربما انتابهم شيء من السأم والضجر، فلا بد من كوكب آخر، من يدري أنه منذ زمن بعيد كان مسكوناً بالشعر والأساطير؟ ولم لا فالقمر كان متخيل الشعراء ووجوه من عشقوهن، وعندما وصل الإنسان إلى القمر لأول مرة ومشى على سطحه المليء بالوهاد، لم يعد يُشبِّه حبيبته بالقمر.

لكن إذا ذهبيت إلى المريخ فستبقى مرتاح الضمير، لأن أحداً – على حد علمي- لم يشبه من يحب بالمريخ، بل إذا غضب من أحدهم وهجره، هدده بالذهاب إلى كوكب ما زلنا نتخيل حتى اللحظة اسمه، وستبقى على الأرجح أسير فيلم لا تعرف نهايته، وسوف يدهشك أن أحداً لم يسبقك إليه، ليخفت لديك الشغف وتخفت المعرفة. أن تذهب إلى المريخ وحدك، أو بصحبة مختارة من أهل الأرض، يعني أن تقول لك الأرض لن أحتاجك ماشياً أو نائماً أبدياً، وستتهامس أشجارها: كم كنت غليظاً! وترشقك بحارها: خفتك لا تحتمل، ويجهر ناسها: من هو.. لا نعرفه!

أما حظك من اللغة فحدث ولا حرج: هل كنت تعرفها، أم هل تظاهرت بمعرفتها؟ كل ذلك لتكتسب مواصفات الرجل المريخي المثالي الذي سيعيش عصر مدن الأحلام، فلا ينفد الماء، ولا يصفرُّ الشجر، ولا تنقطع الكهرباء، ولا تذهب العصافير لاستراحة من زقزقتها، ولا يحط الحمام على الأرض، وهناك إذا رقصت فستدور حولك الأفلاك جميعها، وإذا ما استبد بك الغناء فستطرب الشمس، فهي الجارة القريبة، وسينتشي القمر فهو الخل الوفي.

أن تذهب إلى المريخ خفيفاً من آثام الأرض، لن يُجهدك المحراث في جره، فقد تحمله بأصبعك، وإذا استعصى فيكفي نفخة هادئة، ولتعلم أنك إذا عثرت على بحر هناك، فبوسعك السباحة بلا نهاية، وبلا شاطئ ترتاح عليه.

لا تذكر اسم قابيل وهابيل لمن ستراه لأول مرة هناك، عليك أن تجيد الإشارة والكثير من الابتسامات، فربما سمع بحكاياتنا-أقصد نحن الأرضيين، كأنك ولدت الآن، لا تسمع، لا ترى، لا تتحدث، دع كائنات المريخ تختار لك اسماً جديداً، وتدربك على المشي رويداً رويداً وربما الطيران.. آه نسيت أنك رجل من المريخ بوسعك فعل كل شيء، إلا إيقاف النيازك الهاربة إلينا، ووقف انفجارات الشمس، وستتعلم-هناك-الكثير من الحكمة، لا أحد يجادلك أو يخاصمك، ستحل ضيفاً على خيال مرئي، أو تراك ستصبح خيالاً تحج إليه الذاكرة!

أن تذهب إلى المريخ، لا شأن للزمن بك، أو للوقت الذي أثقل ظهرنا نحن الأرضيين، زمن سرمدي يمر أمامك كنسمة، لا ينتعل حذاء أو يتعثر بجلباب، وستحظى بضيوف هم أبطال كل الروايات التي قرأتها أو التي سمعت بها، سيسألونك عن حال المؤلفين، إياك أن تذيع سر أحد، لا تقل إنهم يبحثون عنهم ليستدينوا منهم ثمناً لبيت منتظر، خاصة الأثرياء منهم. أما فقراءهم فقد ركلوا مؤلفيهم ولاذوا بالفرار، قل إن الشر في الأرض قصيدة لا وزن لها ولا إيقاع، وأن الخير انتمى إلى سلالة المسكوت عنهم من غير شر.

أن تذهب إلى المريخ بلا عودة، يعني أن تتسلح بالنسيان وبالتأتأة إذا طلب منك أن تفكك ألغاز الأرض، فأمامك الآن لغز المريخ، ونحن أيضاً سنموت غيظاً من أنك لن تعود لتفككه لنا!

 

هامش

طويت إعلاناً لشركة تدعى (مارس وان) هولندية غير تجارية »للسفر إلى المريخ في رحلة ذهاب إلى الكوكب الأحمر عام 2022 من دون إياب، تنقل وقائعها مباشرة عبر تلفزيون الواقعس«. خشيت أن تقول لي الأرض: خذني معك.. سأذهب خلسة وعلى رؤوس أفكاري.. لا يهم الانتظار عشراً من السنين فبوصفي مريخي المستقبل فقد تصبح عشر دقائق.. أو ثوان!

 

 

 

العدد 1107 - 22/5/2024