خريجو الإحصاء الرياضي بين مطرقة التعليم العالي وسندان التربية

الإحصاء الرياضي هو أحد أقسام كلية العلوم، كان تابعاً إدارياً لقسم الرياضيات، ثم أصبح قسماً مستقلاً عنه. أما من الناحية العلمية فما يزال مشتركاً مع أقسام الرياضيات بنسبة 70% من مادته العلمية، إذ تشكل المواد المتخصصة بالإحصاء 30% شأنها في ذلك شأن الجبر أو التحليل.. إلخ.

ولا أحد يستطيع أن ينكر أن الإحصاء من أهم الجوانب التطبيقية للرياضيات، وهو موجود في جميع مناهج وزارة التربية، من الصف الأول للتعليم الأساسي إلى الثالث الثانوي العلمي والصف الثاني الثانوي أدبي. أي أنه موجود بقوة في مناهج وزارة التربية.

تتلخص شكوى خريجي قسم الإحصاء الرياضي بأن وزارة التربية في مسابقة انتقاء مدرسين لمادة الرياضيات قبل الأخيرة قد قبلتهم على أساس أنهم سيصبحون مدرسين لمادة الرياضيات في وزارة التربية. ففي المسابقة السابقة لم تقبلهم مديرية تربية دمشق فقط. وفي العام الحالي لم يسمح لهم بتقديم طلبات التعاقد مع مديرية تربية دمشق، بذريعة أن وزارة التعليم العالي لم تخاطب وزارة التربية لتبين أن فرعهم صالح لمهنة التعليم. وقد راجعوا وزارة التعليم العالي وكان جوابها (اذهبوا إلى عميد الكلية ليرفع كتاباً بذلك)، فأجاب عميد الكلية أنه قد رفع كتاباً بذلك. وتكاد فترة تقديم الطلبات تنتهي ولا أحد يعرف ماهي الحقيقة. ما نريد قوله هنا إن هؤلاء الشباب منذ أن دخلوا الجامعة ودرسوا وبذلوا جهداً كبيراً حتى تخرجوا لم يكن يعرف أحد منهم أن وزارة التربية لن تقبلهم في العمل ضمن كادرها التدريسي. وبغض النظر عن المسؤول عن هذه المشكلة، فإنه ينبغي التحرك لمعالجة هذه المشكلة، وذلك بتكوين لجنة من موجهي الرياضيات في التربية وقسم الإحصاء الرياضي، للوصول إلى رأي علمي حول مدى قدرة هذه الشريحة من الخريجين على القيام بتدريس مادة الرياضيات، ولجنة قانونية للتدقيق في مظلوميتهم. فهؤلاء أبناؤنا وشريحة هامة من كوادرنا الوطنية العلمية. وفي حال رفضهم في المؤسسة التربوية فعلى  وزارة التعليم العالي وعلى رئاسة مجلس الوزراء توضيح المجالات التي تستطيع هذه الشريحة التوجه إليها للعمل بها، على أن تعلن نتائج ذلك كله علناً في وسائل الإعلام.

وأنا هنا أود أن أشير إلى أن المشكلة التي وقع بها طلاب الإحصاء الرياضي يقع بها الكثير من شبابنا أثناء التقدم إلى المفاضلة لدخول الجامعة. فبعضهم يفاجأ أن الفكرة التي يملكها عن الاختصاص الذي اختاره كانت خاطئة، وأن معلوماته عن مجالات العمل التي يتيحها له ذلك الاختصاص ليست صحيحة، فيعاني صعوبات تعليمية كبيرة وإحباطاً قد تؤدي به إلى خارج الدراسة، فيخسره الوطن ويضاف إلى قائمة العاطلين عن العمل. وأنا هنا أقترح أن تقوم رئاسة مجلس الوزراء بالتعاون مع وزارة التعليم العالي بإصدار دليل توضح به الاختصاصات الموجودة في جامعاتنا، وبجانب كل اختصاص مجال العمل الذي يؤدي إليه ذلك الاختصاص والوزارات التي تحتاج إلى ذلك الاختصاص، فنوفر على طلابنا وعلى الأهل سؤال كل من يصادفهم عن ذلك الاختصاص ومستقبله. فمعلومة خاطئة قد تودي بمستقبل شاب من أبنائنا وتحرم الوطن من كادر قد يكون هاماً في بناء الوطن. وأعتقد أن مستقبل شاب واحد أهم بكثير من كلفة أو عناء إصدار دليل واضح.

العدد 1105 - 01/5/2024