في الذكرى التسعين لوفاته: إسهامات لينين

لينين هو القائد المميز للحزب السياسي الذي قاد الطبقة العاملة، إلى سلطة الدولة في روسيا في خريف عام 1917. للمرة الأولى في التاريخ ترأست طبقةٌ خاضعة المجتمع.

بنى لينين الحزب البلشفي، فيما بعد الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفييتي، وكان المهندس لإنشاء الإطار لدولة جديدة متعددة القوميات تضم العديد من الشعوب، وتمتد من أوربا الشرقية إلى سيبيريا ومن بحر الشمال إلى آسيا الوسطى.

توفي لينين، الذي كان اسمه الحقيقي فلاديمير إيليتش أوليانوف، نتيجة سكتة دماغية عن 53 عاماً في 21 كانون الثاني 1924 قبل تسعين عاماً. نعرف أن ما من ثورة يمكن أن تكون عمل إنسان مفرد. يجب أن يشارك ويتعاون في إحداث ثورة كهذه عشرات ملايين الكائنات البشرية التي تدفعها ظروف حياتها إلى إدراك الحاجة إلى النضال والتضحية. ولكن لينين كان مسؤولاً أكثر من أي فرد آخر عن انتصار العمال في روسيا.

ساعدت هذه الثورة والدولة السوفييتية وألهمت ودعمت الثورات التي حررت العديد من البلدان المقهورة من الإمبريالية، والعمال من الاستغلال خلال القرن العشرين. كان الاتحاد السوفييتي نتاج ثورة عام ،1917 الكابوس الأكبر للطبقة الحاكمة الإمبريالية. ولهذا السبب جعل المصرفيون والمليارديرية والإعلاميون الممولون من قبلهم الاتحاد السوفييتي دولة منبوذة، وكرهوا لينين أكثر من أي فرد في التاريخ. ويظل حتى يومنا هذا العدو التاريخي رقم واحد للأغنياء. ولهذا السبب يحطمون تماثيله في أوكرانيا.

وفي الوقت نفسه يظل لينين منارة للذين يريدون النضال. ويصحّ هذا أيضاً على الثوريين الذين يعيشون في بلدان صناعية ومتحضرة هي جزء من العالم الإمبريالي، وحيث تعيش الجماهير في أغلب الأحيان في المدن. إنهم يريدون تكوين إطار  ييسّر ثورة تطيح بالرأسمالية وتبدأ بناء عالم جديد ينعدم فيه الاستغلال والتفاوت الاجتماعي.

إسهامات لينين في التاريخ الثوري غنية. سيقدم آخرون بالتأكيد إضافاتهم إلى الدروس الأربعة التي اخترناها، والتي نعتقد أنها تظل أساسية في تجسيد النضال الطبقي في القرن الحادي والعشرين.

يؤكد تحليل لينين للإمبريالية العالمية، الذي كتبه أثناء الحرب العالمية الأولى، حتمية الاندفاع نحو الحرب والغزو النابع من النظام الرأسمالي، عندما يصبح ظاهرة عالمية الانتشار.

تحليل لينين ل (القضية القومية) وصلة الشيوعيين بنضال الشعوب والبلدان من أجل تقرير المصير، ومن ضمن ذلك الاستقلال، وحّد الشيوعيين وحركات التحرر عبر العالم المستعمَريّ.

مقاربة لينين لتنظيم حزب الطبقة العاملة، التي أوجزها في كتيبه الصادر عام 1901 (ما العمل) ونفذها خلال ثورة عام 1917 وما بعدها، كان عمل لينين هذا مميزاً لواقع روسيا القيصرية في تلك الفترة، ولكن المبادئ التي خططها لخلق حزب يكون أداة لنضال الطبقة العاملة الفعال بقيت سليمة منذ ذلك الوقت.

طوّر لينين تحليل كارل ماركس وفريدريك أنجلس للدولة الرأسمالية، في عمله (الدولة والثورة) الذي كتبه في آب وأيلول 1917 عندما كان مضطراً للاختباء. وقد ازدادت الدول الإمبريالية تسلحاً وبيروقراطية منذ ذلك الوقت، وكذلك الدول الرأسمالية في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية. وكان للكتيب أسعد النهايات، كما كتب لينين شارحاً سبب توقفه عن الكتابة: (إن اختبار (تجربة الثورة) يحمل السرور والفائدة أكثر من الكتابة عنها).

لم يختبر تلك الثورة فقط بل قادها. وكانت الفاعل الرئيس في تاريخ القرن العشرين حتى انتكاستها في أعوام 1989  1991.

العدد 1107 - 22/5/2024