اللقاء التشاوري يبدأ اليوم في موسكو دون تدخل أجنبي: لنتفق على مواجهة الإرهاب أولاً

ينضم وفد الحكومة السورية برئاسة المندوب الدائم لسورية في الأمم المتحدة السفير بشار الجعفري اليوم إلى (منتدى) موسكو، بعد يومين من المداولات التي أجراها ممثلو المعارضة فيما بينهم.

لم يضع الجانب الروسي جدولاً لأعمال اللقاء، فالمطلوب من الحاضرين في هذا (المنتدى) التشاور والتمهيد لحوار قد يجري لاحقاً في دمشق أو موسكو حسب اتفاق المجتمعين، دون أي تدخل خارجي، وهذا ما أعلنه الجانب الروسي أكثر من مرة.

الحكومة السورية حريصة على إنجاح اللقاء، هذا ما أكده رئيس الجمهورية، وقبل ذلك وزير الخارجية، لكن الوفد الحكومي السوري يحتاج في هذا اللقاء إلى شركاء، إلى محاورين قادرين وفاعلين على الأرض السورية، يغلّبون المصلحة الوطنية العليا على أية مصلحة حزبية أو فئوية ضيقة، وهذا ما لم يتم التأكد منه حتى بعد اجتماع القاهرة الذي ضمّ أطيافاً مختلفة من معارضة الداخل والخارج.

لقد أكدنا سابقاً ونؤكد اليوم أن حوار السوريين هو المدخل الآمن الوحيد لإنهاء أزمة السوريين بعد سنوات القتل، والخطف، والتهديم، والحرق، والإرهاب التكفيري.. المدخل الآمن لتوافق جميع مكونات الشعب السوري السياسية والاجتماعية على مستقبل بلادهم الديمقراطي.. العلماني.. المعادي للإمبريالية والصهيونية والرجعية والإرهاب.

لكن هذا الحوار يتطلب من الجانبين زرع الثقة بينهما، كما يتطلب من وفد المعارضة الخروج من عباءة الأجنبي، والخليجي، والتركي، والإسرائيلي.. فمصير سورية اليوم وهي تواجه الإرهاب التكفيري الأسود المدعوم من الولايات المتحدة وشركائها هو المحور الرئيسي.. والشغل الشاغل لجميع السوريين الوطنيين، وليس التمترس خلف مطالب تعجيزية أو إقصائية تفجر الحوار قبل أن يبدأ. وإذا ما تهدم كيان الدولة السورية وجيشها الوطني، وانتصر الإرهاب الأسود، فلن تقوم قائمة لأي مطلب سياسي أو ديمقراطي أو اجتماعي أو إنساني في سورية، والسوريون لم ولن يتخلوا عن طموحاتهم بمستقبلهم الذي يستحقونه.

لذا طالبنا ومازلنا نطالب بتغليب الهمّ الوطني الأكبر، والتركيز على العامل الرئيسي في حل الأزمة السورية اليوم، وهو مكافحة الإرهاب الإقصائي، الذي يفتح النجاح في تحقيقه الآفاق لمعالجة الهموم السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي نرى التوافق عليها ضمن حوار ديمقراطي يضم جميع السوريين. ونذكّر من يأتي إلى الحوار وهو يستقوي بالأمريكي، بأن الأمريكيين بدؤوا بتدريب الإرهابيين (المعتدلين) في تركيا والسعودية والأردن، ومن يعتمد منهم على هذا الإرهاب (المعتدل) فليرجع إلى سجل العلاقات القائمة بينه وبين العدو الصهيوني، وآخرها تصريح الضابط الكبير في الجيش (الحر) لموقع إسرائيلي، بضرورة التعاون مع إسرائيل تحقيقاً للمصالح المشتركة بين الطرفين! ومن يقف خلفه هولاند ومن لف لفيفه، فليستمع إلى اعترافاته بالندم لأنه لم يغزُ سورية قبل تنامي الإرهاب فيها، وكأن هذا الإرهاب لم يكن من صنع يديه وأيادي شركائه في ما وراء الأطلسي؟!

كذلك فإن هذا (المنتدى) يتطلب من الوفد الحكومي السوري تأكيد أحقية مطالب الشعب السوري بالتغيير السلمي باتجاه الديمقراطية والعلمانية، والخلاص نهائياً من التجاوزات على الدستور والقوانين، وإطلاق سراح المعتقلين بسبب آرائهم السياسية والذين لم تتلطخ أيديهم بدماء شعبنا، وضرورة عقد الحوار الوطني الشامل في دمشق بوجود ممثلي جميع المكونات السياسية والاجتماعية والاقتصادية لبحث تدعيم صمود سورية، والقضاء النهائي على الإرهاب التكفيري، والاتفاق على ملامح سورية الجديدة المتعددة سياسياً واقتصادياً، ووضع خطط الإعمار والتنمية الاقتصادية والاجتماعية المتوازنة والشاملة، بجهودها الذاتية، ومشاركة الأصدقاء بعيداً عن تدخلات الصناديق الدولية والبنك الدولي، سورية الداعمة والراعية للفئات الفقيرة والمتوسطة، المساوية في الحقوق بين الرجل والمرأة.

جماهير الشعب السوري التي تعاني اليوم تداعيات الأزمة وتغوّل الإرهاب، ومعاناة معيشية خانقة، خاصة بعد تقليص الدعم الحكومي وزيادة أسعار المشتقات النفطية والخبز، وارتفاع الأسعار، وفقدان الأمن، والتجاوزات على القوانين، و(تَمْسحة) بعض المحتكرين وأثرياء الحروب، هذه الجماهير تنتظر حلاً سلمياً لأزمتها ومعاناتها.

فلننطلق من الهدف الأساسي لحل هذه الأزمة، فلنتفق على محاربة الإرهاب، وبعد ذلك لن يقبل السوريون إلا بمستقبل وضّاء، ديمقراطي، علماني، معادٍ لكل من يعادي الإنسان.

العدد 1105 - 01/5/2024