مقاربات سياسية قبل موسكو 1

أسئلة تتكرر كل يوم: هل يزهر أمل السلام بالحل السياسي في عام 2015؟ هل يتمّ الاتفاق بين أطراف المعارضة ويظهر الدخان الأبيض من القاهرة؟  هل الوضع الإقليمي والدولي جعل الولايات المتحدة تغيّر وجهها المظلم، وتساند الجهود الدبلوماسية الدولية التي قد تؤدي إلى تغيّر تدريجي في سورية، كما جاء في صحيفة (نيويورك تايمز)؟

إنَّ ملامح التغيير تقع في منطقة التجاذبات الإقليمية والأوربية، وهي غير واضحة تماماً، كما صورتها صحيفة نيويورك تايمز، قبل موعد لقاء موسكو أواخر هذا الشهر. فقد مارس أوباما هوايته الخطابية(عن حالة الاتحاد)، ويكون بذلك قد رسَّخ التقليد الأمريكي الذي يعود إلى عام 1790 عندما تلا الرئيس الأول للولايات المتحدة جورج واشنطن (رسالته السنوية). أما الرئيس الثالث توماس جفرسون، فقد رأى أن مثل هذه الاستعراضات المظهرية لا تليق بجمهورية ديمقراطية جديدة، فبعث برسالة خطية إلى الكونغرس بدلاً من المثول أمامه شخصياً. وبحلول عام 1945 كانت الرسالة الرئاسية السنوية قد صارت تعرف رسمياً بـ(خطاب حالة الاتحاد).

وماذا جاء في خطاب أوباما؟ هل هناك مواقف جديدة؟ أم أنه يكرر سياسة واشنطن السابقة؟

هي أول مرة يلقي خطابه أمام الكونغرس الذي يسيطر عليه الحزب الجمهوري.. ويواجه انقسامات حزبية حادة حول قضايا الهجرة، وإصلاح التأمين الصحي، وتغير المناخ، وقضايا الطاقة. ورغم هيمنة القضايا الداخلية والخلافات المتصاعدة بين الديمقراطيين والجمهوريين، كان لا بدّ من التطرق إلى الأزمة السورية. وقد وعد صاحب القلم القُزحيّ الذي يلوّن السياسة الأمريكية كما يشاء ويبدلها بإرادة رغبوية، وقال: إنَّ إدارته ستواصل المزيد من الضغط على (النظام السوري الذي يقتل شعبه). وأن الولايات المتحدة ستدعم المعارضين الذين يحترمون حقوق جميع السوريين.. أي أنه لن يتقدّم خطوة واحدة باتجاه الحل السياسي.. كرر مقولات ممسوخة منذ سنوات في خطاباته عن (حالة الاتحاد)، هذا من جهة، ومن جهة أخرى قدّم منذ أيام، ستة ملايين دولار إلى ما يسمى (حكومة الائتلاف المؤقتة). وقرر إرسال 400 عسكري لتدريب المسلحين في معسكرات بالسعودية وتركيا وقطر وغيرها.

بعد هذه الإجراءات القديمة – الجديدة.. هل هناك تغيرات في سياسة البيت الأبيض؟

المحطة الثانية .. المؤتمر الصحفي لوزير الخارجية الروسي، إذ بيّن الوزير عدداً من النقاط التوضيحية حول اللقاء السوري – السوري في الـ 26 من هذا الشهر في موسكو. وتمنَّى لافروف، أن تكون الأجواء هادئة، وأن يكون الحوار هادئاً دون أي دعاية، وأن يمثل الجميع من أجل العمل على إيجاد حلّ سياسي. وأكَّد أن أعداد الذين رفضوا المشاركة قليلة.. وأوضح أيضاً، أن هناك قناعة تنمو في الغرب بأن الحل السياسي للأزمة أمر حتمي، لكن المهمة الأولى في الوقت الحالي لهم هي مواجهة (داعش). وكشف بصراحته المعروفة الأخطاء السابقة التي حدثت في مؤتمري (جنيف ومونترو). وأن روسيا لن تشارك في المفاوضات بين وفدي الحكومة السورية والمعارضة، بل سيمثلها خبراء.. ولن يكون هناك أي ممثلين رسميين عن روسيا.

المحطة الثالثة، قبل لقاء موسكو، في القاهرة، حيث كان اللقاء بين أطراف المعارضة، الذي شارك فيه 33 معارضاً بأسمائهم الشخصية، وليس على أساس التمثيل الحزبي أو تمثيل الهيئات والتنظيمات. وكان الغرض من هذا اللقاء، مناقشة الذهاب للقاء موسكو، وتوحيد الرؤية السياسية للمعارضة السورية، وتشكيل لجنة سياسية للإعداد لصياغة هذه الرؤية، وإنشاء صندوق وطني لتعزيز تنفيذ ذلك.. كما صرّح بذلك عدد من المشاركين  في اللقاء، ولكن رشحت أخبار من داخل اللقاء أن خلافات حادة خرمشت بأظافرها وجوه البعض.

إن الشهر الأول من العام الجديد أصبح أكثر حراكاً دبلوماسياً وسياسياً، وصدر عن اجتماع لندن بحضور 21 وزير خارجية ومسؤولاً حكومياً، خطة للخطوات المقبلة في حملة التحالف ضد (داعش) في سورية والعراق وغيرها. وتشمل الخطة إجراءات لقطع التمويل عنه، ووقف تدفق المقاتلين الأجانب، ومواجهة أيديولوجيته المتشددة.

ورغم كل ما تمَّ من لقاءات وحوارات على جميع المستويات الإقليمية والدولية والمحلية، هناك من يشعل الحطب ليحرق أوراق السلام ويجهض الحل السياسي للأزمة السورية.. وهناك من يحضّر السيارات المفخخة ويجهّز الأحزمة الناسفة لقتل السوريين.. وهناك من يقدم التضحيات من أجل سورية موحدة صامدة آمنة ..ومن أجل سورية المستقبل، سورية المزدهرة العلمانية المدنية الديمقراطية التعددية. وهناك الجيش السوري الباسل الذي يحقق الهزيمة للتكفيريين والقتلة.. وهناك الشعب السوري الصابر المضحي الذي ينتظر آملاً بتحسين وضعه المعيشي وإزالة الصعوبات من طريق حياته وتأمين ظروف أفضل له.. فهو يستحق الكثير الكثير!

العدد 1107 - 22/5/2024