الجماهير الشعبية تئن.. ماذا بعد؟

يبدو أن واضعي قرارات رفع أسعار المازوت والغاز والخبز، ظنوا عن حسن نية (وهنا الطامة الكبرى)، أو سوء نية (وهذا ما سيضعهم أمام ردود الأفعال الغاضبة)، أن تأثيرات هذه الزيادة محصورة ضمن نطاق الطلب على هذه المواد بذاتها، دون الأخذ بالحسبان خصوصية المازوت والغاز، بصفتهما من مستلزمات الإنتاج الأساسية لجميع القطاعات المنتجة والخدمية، خاصة في ظل اقتصاد راكد يعاني أوجه الحصار وتهدم المصانع والبنية التحتية وفقدان عوائد النفط والغاز، وتراجع الإنتاج الزراعي وخاصة للمحاصيل الاستراتيجية وهجرة الرساميل والعديد من الصناعيين.. وهذا ما يؤكده منح تعويض معيشي يعادل الزيادة في أسعار مازوت التدفئة فقط.

لقد بدأت تأثيرات هذه القرارات بعد ساعات على أسواقنا، إذ بدأ حيتانها ومحتكروها وسماسرتها باحتكار بعض المواد، ورفعوا أسعار مواد أخرى، وتوالت التأثيرات بعد أيام لتجد الجماهير الشعبية نفسها محصورة بين فكي كماشة، فهي من جهة فقدت نسبة تقدر بنحو 25% من دخلها الحقيقي المتواضع بعد ارتفاع الأسعار، كما فقدت من جهة ثانية دعم الدولة ورعايتها في وقت تحتاج فيه إلى هذا الدعم لتواصل صمودها وتصديها للإرهاب التكفيري الذي يهدد كيان الدولة السورية وانسجام مكوناتها الدينية والاجتماعية.

جماهيرنا الشعبية، أصحاب الجيوب الفارغة، أكثرية الشعب السوري، الدريئة التي تتلقى سهام الحكومة، تئن بعد هذه القرارات، وتسأل ببرود يخفي غضباً شديداً: ماذا بعد.. يا حكومة؟!

العدد 1105 - 01/5/2024