سبب الاختلافات الظاهرية والتشريحية بين الإنسان وأسلافه

 كيف يتأتى أن تكون مخلوقات تختلف تمام الاختلاف في شكل الجسم وتركيب المخ مثل الإنسان الحديث وأبناء عمومته من إنسان النياندرتال المنقرض تتشابه وراثياً بنسبة 99.84 في المئة؟

بعد مرور أربع سنوات على اكتشاف العلماء أن الطاقم الوراثي (الجينوم) لكل من البشر وإنسان النياندرتال، لا يختلف إلا بواقع جزء يسير من النقطة المئوية، قال علماء الوراثة إن لديهم التفسير: إنه المعادل الخلوي لموصلات (التشغيل/الإيقاف) التي تحدد ما إذا كان الحمض النووي الريبوزي (دي.إن.إيه) في حالة تنشيط أو تثبيط.

وأعلن فريق دولي من العلماء في نتائج دراسة أوردتها دورية (ساينس) أن مئات من جينات إنسان النياندرتال كانت في حالة تثبيط، فيما كانت الجينات المماثلة لدى الإنسان الحديث في حالة تنشيط. ووجد العلماء أيضاً أن مئات من الجينات الأخرى لدى النياندرتال كانت في حالة تشغيل، فيما كانت الجينات المقابلة لدى الإنسان في حالة إيقاف.

ومن بين هذه المئات من الجينات ما يتحكم في شكل الأطراف ووظيفة المخ، وهي سمات تتباين تبايناً كبيراً بين الإنسان الحديث وإنسان النياندرتال.

وقالت سارة تيشكوف، الخبيرة في مجال النشوء والارتقاء في البشر بجامعة بنسلفانيا، التي لم تشارك في هذه الدراسة: (يعنى الناس بصفة أساسية، بما يجعلنا نحن بشراً، وبما يجعلنا نختلف عن النياندرتال).

وأضافت: إن اكتشاف الاختلافات في تنشيط الجينات هو (إنجاز تقني مذهل) يقطع شوطاً طويلاً على طريق إماطة اللثام عن هذا اللغز. ويبرز الاكتشاف أيضاً مدى أهمية أنظمة التشغيل وقوتها، والإيقاف في الجينات.

وتفسر هذه النتائج التباين التشريحي بين الإنسان الحديث والأنواع المنقرضة، ومنها قصر طول أيدي إنسان النياندرتال وأرجله، وتقوّس أطرافه السفلى وتضخّم حجم اليدين والأصابع وانحناء عظام الساعد.

ووصف كريس سترينجر، عالم الأحياء القديمة في متحف التاريخ الطبيعي في لندن، خلال مقابلة هذه الجهود بأنها (رائدة وتمثل طفرة هائلة)، مشيراً إلى أنها قد تسهم في تفسير سبب متانة بنيان جسم الإنسان الأول، ومدى تكيّفه مع ظروف الحياة في العصر الحجري.

العدد 1107 - 22/5/2024