أمهاتنا.. جراح وطن وعيد

في الحادي والعشرين من آذار من كل عام نحتفل بأمهاتنا، وقد تختلف طرقنا للتعبير عن محبتنا وامتناننا للواتي امتلكن طاقة للعطاء لا تنضب. بضمة إلى صدرها الحنون وقبلة وهدية نمتن لمن وهبتنا الحياة، في طقس اعتدنا عليه، لو مارسناه كل يوم لن نعطيها إلا جزءاً بسيطاً من الجميل.

لكن خلال الأعوام الثلاثة المنصرمة تغيرت حياة الأم السورية حالها كحال سائر السوريين الذين عايشوا الصراع الدائر في البلاد، وكانت الخاسر الأكبر في كل ما يحصل، فكيف لأمومتها العظيمة تحمّل ما يحصل لأبنائها؟! كيف استطاع قلبها الحنون تحمل هذا الكم الهائل من التضحيات، وهي التي اعتادت التضحية بكل شيء من أجل أن ترى أبناءها يكبرون أمام عينيها ويحققون طموحاتهم وأحلامهم؟! كيف استطاعت تحمّل آلامها وهي ترى آلام أبنائها ومعاناتهم أمام عينيها، من اختار السلاح طريقاً – في الاتجاهين-، من اختار أو اضطر للسفر بحثاً عن أمان أو علم أو عمل، من غيبه الاعتقال والعتمة، ومن ضحى بروحه أو غيبه الموت كيف لها تحمل كل ذلك، وهي التي رهنت عمرها من أجل أولادها؟!

جراح الأم السورية فاقت في آلامها كل الآلام، هي الثكلى والأرملة والجريحة والنازحة، فهل من سبيل لتضميد كل هذه الجراح؟

و إن كان كل من على هذه الأرض السورية يحتاج إلى حل ينقذه وينقذ وطنه من كل هذا الألم ويضع حداً لكل المأساة التي قاسى منها الجميع، فإن أمهاتنا هن أولى المطالبات بإيجاد هذا الحل.

وفي هذا العام تحتاج الأم السورية إلى احتفال جديد من نوع خاص، احتفال يعيد أبناءها إلى حضنها، أبنائها الذين غيبتهم الحرب والموت والاعتقال والسفر والتشرد، تحتاج إلى أن تعود البسمة إلى وجهها والرضا إلى قلبها، أن تعود إلى منزلها لتحضن أبناءها وتحمي أسرتها، أن تعود إلى عملها، لتكمل مسيرتها في بناء ذاتها وإعادة إعمار وطنها من جديد.

تحتاج إلى وطن يحمي أمومتها وأبناءها وحياتها، تحتاج كما كل السوريين إلى وقف نزيف الدم على الأرض السورية، تحتاج إلى أن تقول كفى عنفاً! هذه الأرض وطن لكل السوريين.

العدد 1104 - 24/4/2024