الغرب يمجّد ناشطاته.. والشرق يخوّنهن!

توفيت متأثرة بجراحها يوم الخميس 16/6/ 2016 جو كوكس، البرلمانية البريطانية والناشطة في مجال حقوق المرأة والإنسانية، و(النجمة الصاعدة) في حزب العمال البريطاني.

انخرطت جو كوكس في حملة الدفاع عن بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوربي قبل استفتاء 23 حزيران. وكتبت على موقعها الإلكتروني مؤخراً أن (الاتحاد الأوربي لا يمكن أن يتسم بالكمال، ويحتاج بالتأكيد إلى إصلاحات، لكن المجازفة بكل امتيازات انتمائنا إلى أوربا لنغرق في الظلام لا يبدو لي وطنية عالية).

هذه السيدة كانت قد تبنّت قضية اللاجئين السوريين لتبقى وفية لمسيرتها التي قادتها إلى جميع أنحاء العالم في خدمة قضايا إنسانية عديدة. ولعقد كامل شغلت وظائف هامة في منظمات دولية مثل أوكسفام و(سيف ذي تشيلدرن) في أوربا والولايات المتحدة وفي مناطق نزاعات.

كما كانت ناشطة في الدفاع عن حقوق المرأة، وعضوة في شبكة نساء حزب العمال (لابرز ويمن نتوورك) التي تشجع المرأة على دخول الحياة العامة. وفي البرلمان البريطاني كانت عضوة في لجنة الحكم المحلي وفي مجموعة أصدقاء سورية، وكانت تشارك في أعمال حول الأراضي الفلسطينية وباكستان.

وأكّد زعيم الحزب جيريمي كوربن في بيان له أن (حزب العمال وأسرة العمال- وفي الحقيقة البلد كله- يشعر بالصدمة لحادث القتل المروع). وأضاف: (جو توفيت وهي تؤدي واجبها العام في قلب ديمقراطيتنا، تستمع إلى الناس الذين انتُخبت لخدمتهم وتمثلهم). وأكمل: (في الأيام المقبلة، ستكون هناك أسئلة ينبغي الإجابة عنها بشأن لماذا وكيف ماتت)، وتابع قائلاً: إن (جو كانت محبوبة ليس من قبل زملائها في حزب العمال بل من الجميع في البرلمان). ووصف رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون مقتل كوكس بأنه مأساة قائلاً: إن (مشاعرنا وصلواتنا مع جو وأسرتها).

زوجها بريندان في بيان بعد وفاتها قال إن (جو كانت تؤمن بعالم أفضل)، وأضاف أنها (كانت تريد أمرين قبل كل شيء: الأول أن يُغْمَرَ أطفالنا بالحب، والثاني أن نتحد لنكافح معا الكراهية التي قتلتها). وكانت حملات الاستفتاء على عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوربي المقرر الأسبوع المقبل قد عُلِّقت حداداً على كوكس التي كانت داعمة للبقاء ضمن الاتحاد.

وأقيمت إحدى الوقفات في كنيسة بيرستال غرب يوركشير، مسقط رأس النائبة، والأخرى خارج مقر البرلمان في ويستمنستر وسط العاصمة لندن. وقررت بريطانيا تنكيس أعلامها إلى نصف الصاري في منطقة مجلس الوزراء (وايت هول).

لا شكّ أننا شعرنا بالأسى لاغتيال هذه الناشطة الإنسانية والبرلمانية باعتبارها إنسانة قبل كل شيء، وكذلك لحيويتها وقناعاتها الكبيرة أن المجتمعات البشرية يجب أن تتناغم وتتعايش بالكثير من الحب والتنوّع، إضافة إلى سعيها وتشجيعها للمرأة دخول الحياة العامة بكل اتجاهاتها. فهل لنا أن نصل يوماً إلى مستوى إنساني وأخلاقي يليق بنضال النساء في شرق ما زال يغطُّ في سبات كهوف الذكورة والتخلّف والتخوين؟!

العدد 1104 - 24/4/2024