الحزب الشيوعي وقضية الشباب

مساهمة في إغناء وثائق المؤتمر الثاني عشر للحزب

 تشكل قضية الشباب في أي حزب سياسي نقطة الارتكاز الأساسية التي يبُنى عليها في رسم الأهداف وتحقيقها عبر توفير الوسائل المناسبة لتلك الطليعة التي يقع عليها تنفيذ المهام وفق البوصلة السياسية التي ترسمها القيادة العليا للحزب التي يجب ان تكون قريبة من روحية الشباب وتفهم تطلعاتهم وأحياناً نزواتهم التي قد لا تكون منضبطة ولكنها ملائمة متطلبات العصر ومسايرة لمستجداته التقنية. لذلك فإن غياب الشباب عن الجسم التنظيمي للحزب يُعد مصدر ضعف ويُربك العمل ويضع مجاراة الحزب للتطور العاصف متأخر، بالحد الأدنى.

وأدى الشباب الشيوعي على مدار العقود التسعة من عمر الحزب دوراً هاماً، ولهم يعود الفضل في انتشار الحزب وأفكاره في أصقاع البلاد كافة، وعلى حساب راحتهم الشخصية سعوا لسعادة الشعب وحريته محملين بمرجعية فكرية صلبة صلابة سواعدهم السمراء التي شقت دروب الدهر وأرست لسنديانته الحمراء تربة خصبة نمت وكبرت فيها حتى قوي عودها، فلم يكسرها جبروت السلطات الديكتاتورية ولا عسف الأنظمة الأمنية ولا التضييق بلقمة العيش ولا الحرمان من الحقوق المدنية.

وفي خضم الأزمة الدامية التي عصفت بالبلاد على مدار الأعوام الخمسة الماضية كان للشباب الشيوعي العلماني المثقف، رؤيته الواضحة، التي تقاطعت مع رؤية الحزب المتجسدة (بأن الصيغة السياسية التي حكمت البلاد على مدار العقود الأربعة الماضية لم تعد تستجيب لمتطلبات الديمقراطية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية) وعلى ضوئها اندمج الشباب الشيوعي بالحراك السياسي الذي شمل أنحاء البلاد وأخرجها من عقود التكلّس والصنمية.

وعندما عمت الفوضى وساد الفكر الظلامي التكفيري ووسائله الوحشية، عاد الشباب الشيوعي إلى روحية الماركسية لتحديد الحلقة الرئيسية في الصراع، وأتبعوها بدعوتهم لبناء دولة مدنية ديمقراطية علمانية عبر الحوار الوطني الشامل باعتماد الحل السياسي مخرجاً وحيداً وآمناً لإنهاء دوامة العنف والعنف المضاد التي أزهقت أرواح مئات آلاف البشر وهجّرت الملايين، وما تزال عنفتها تدور طاحنة البنية التحتية التي بناها عمال سوريا بعرق جبينهم، ومنهم الشباب الشيوعي.

اليوم، ونحن على أبواب المؤتمر الثاني عشر للحزب الشيوعي السوري الموحد، تتجدد العزيمة لأن نعيد ما حاول البعض نسيانه بأننا حزب علماني وأن التضييق والتهميش الذي اتبع بحق رفاقنا، لم يزيدنا سوى إصراراً نحو تحقيق الهدف الأسمى (وطن حر وشعب سعيد).

فإلى المؤتمر أيها الشباب الشيوعي تحملون تطلعات شباب سورية الذين يراهنون عليكم بأن تعودوا إلى ملعب الحياة السياسية، لأنكم الأقدر على صوغ شعارات المرحلة، والأكثر تجربة في ميدان النضال، والأغنى رؤية وسعة أفق.والمطلوب منكم تجسيد ما جاء في مشروع التقرير السياسي من مهام (بالعمل من أجل قيام حركة شعبية ديمقراطية تقدمية،لمجابهة الفكر الظلامي من ناحية، والفكر الليبرالي في الاقتصاد من ناحية أخرى). وما بعض فترات النكوص التي مررتم بها سوى مرحلة التخمير لإطلاق وجهكم البهي، وجه سورية المعادي للاستعمار والصهيونية والرافض للعنف والإرهاب، والتي ترعى أبناءها وتحميهم من عوز الفقر والمذلة، وإن حرية شعبها وكرامته هي فوق كل اعتبار، وإن طال الزمن فلابد للحلم أن يتحقق.

العدد 1105 - 01/5/2024