المؤتمر والحزب والتحالف على الصعيد الحكومي

هل من الضروري عقد مؤتمر عام للحزب في هذه الظروف الاستثنائية؟

 إن بلادنا تعيش حالة حرب، وقسم واسع منها خارج سيطرة الدولة. حيث تتمركز القوى الإرهابية التكفيرية بمختلف مسمياتها وانتماءاتها،يوحدها الاتفاق على هدم الدولة السورية والقضاء على البنى التحتية للمجتمع، الذي بني بأيدي أبنائه.لا بل طاول التعدي الأوابد الأثرية والعلماء.

لماذا نعقد مؤتمرنا؟

نقول نعم، من الضروري عقد المؤتمر العام الثاني عشر للحزب الشيوعي السوري الموحد.إن الملاحم الثورية التي سطرها التاريخ، ولدت من رحم الأحداث المفصلية، وخير دليل على ذلك ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى ولدت في خضم أحداث الحرب العالمية الأولى. لقد مضت أربع سنوات ونصف على انتهاء أعمال المؤتمر الحادي عشر لحزبنا، ومرت أحداث خلال هذه الفترة لم نشهد لها مثيل في تاريخنا الحديث، كما أصبحت قضية الدفاع عن الوطن ومحاربة الإرهاب واجباً جميع السوريين.

وتأتي أهمية انعقاد المؤتمر، من ضرورة تقييم مجريات الأحداث خلال تلك الفترة الحساسة والمعقدة في طبيعتها، من خلال مناقشة مشاريع التقارير المقدمة وإغنائها بهدف الوصول إلى رؤية موحدة تبرز وجه الحزب في الدفاع عن الوطن، وعن مصالح الجماهير الكادحة بسواعدها وأدمغتها.

هل للأحزاب أن تشيخ؟  وهل للأفكار أن تزول؟

حزبنا الذي بلغ الحادية والتسعين من العمر لن يشيخ، فهو، بأفكاره المتجددة وكوادره الخلاقة، مستمر بالعطاء للوطن والشعب. معتمداً الماركسية اللينينية والاشتراكية العلمية منهجاً له، وقد أثبتت الوقائع الحية أنها أفكار دينامية، تعتمد ما سبقها من أفكار الفلاسفة ورجال العلم وآرائهم، ومن أحداث ونضالات كبرى خاضتها الشعوب، هذا ما جعل منها مرشداً للعمل وخاضعة للتطور مع الحياة. لذلك فإن حزبنا دائم الشباب.

من باب المشاركة في التحضيرات لمؤتمر الحزب، أرى من الواجب التذكير بالتحالفات وتشكيل الجبهات الوطنية. التي تعتبر من أسس التراث اللينيني. ولحزبنا تاريخ طويل حافل في هذا المجال. فقبل الاستقلال السياسي وبعد المؤتمر السابع للأممية الشيوعية دعا حزبنا إلى جبهة توحد الجميع لمقاومة الاستعمار بما في ذلك البرجوازية الوطنية الإصلاحية، فالدفاع عن الوطن يجب أن يجمع كل الوطنيين.

و بعد نيل الاستقلال تألف ( التجمع القومي البرلماني ) الذي شمل حزب البعث العربي الاشتراكي والحزب الشيوعي السوري وفئات من البرجوازية الوطنية وممثلين عن الجيش السوري وفئات من البرجوازية الوطنية. وأعلن هذا التجمع النضال الدائب ضد المشاريع والأحلاف الاستعمارية.

و بعد الثامن من آذار عام 1963 ووصول حزب البعث العربي الاشتراكي إلى الحكم، بدأت بذور التعاون بين حزبينا بتمثيل متواضع في المجلس الوطني، تطور بعد حركة 23 شباط ،1966 وتمثل الحزب الشيوعي في الحكومة بوزير واحد.

في المؤتمر الثالث للحزب في عام 1969 أقر شعار الجبهة الوطنية التقدمية.

بعد الحركة التصحيحية عام ،1970 فتحت آفاق التعاون بين الحزبين، استناداً لما جاء في بيان القيادة القطرية المؤقتة، خاصة انتخاب مجلس الشعب والإدارة المحلية، وتأسيس الجبهة الوطنية التقدمية، إضافةً إلى تعزيز العلاقات مع الاتحاد السوفيتي والبلدان الاشتراكية، وتعزيز القطاع العام، ومنح المزيد من المكاسب للطبقة العاملة وجماهير الفلاحين.

تأسست الجبهة الوطنية التقدمية عام 1972 التي وطّدت عرى التعاون بين أحزابها وقد جرى في ظلها العديد من الإنجازات على الصعد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية كافة. وكان حزبنا ممثلاً في جميع الحكومات، وحتى اليوم بوزراء ذوي حقيبة، قادوا وزارات متعددة وكانت لهم إنجازات مهمة.

واليوم حزبنا ممثل في الحكومة بوزارة الدولة لشؤون مجلس الشعب.

لقد دافع وزراؤنا السابقون من خلال عملهم عن مطالب الجماهير وشاركوا في اتخاذ القرارات المفصلية الهامة على الصعد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية كافة، بما يتماشى مع سياسة الحزب المقرة في مؤتمراته وأهدافه.

وزارة الدولة لشؤون مجلس الشعب تعتبر همزة الوصل بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية، وتنقل هموم المواطنين وطلباتهم إلى رئاسة مجلس الوزراء والوزارات، وتتابعها لإيجاد الحلول المناسبة.

في هذه الظروف الاستثنائية التي يقف فيها السوريون مدافعين عن بلادهم في مواجهة أشرس غزو إرهابي في التاريخ، يعقد حزبنا العظيم مؤتمره الاستثنائي.

نتمنى للحزب أن يخرج من هذا المؤتمر موحّداً قوياً، وأن يستمر كما كان ركناً أساسياً من أركان الحركة الشيوعية العالمية، وحركة التحرر الوطني العربية والعالمية.

فلننطلق جميعاً نحو المؤتمر الثاني عشر لحزبنا الشيوعي السوري الموحد معززين بحب وطننا وشعبنا، ولنجعل من هذا المؤتمر حلقة وصل بين الماضي والحاضر والمستقبل.

ونتمنى لشعبنا السوري، الذي يخوض حربه الوطنية الكبرى خلف جيشه الوطني الباسل دفاعاً عن الوطن وحفاظاً على استقلاله ووحدته وسيادته، مستقبلاً مشرقاً لجميع أبنائه، في دولة مدنية ديمقراطية علمانية، ذات تعددية سياسية، يتمتع فيها المواطن بحق المواطنة والحرية والكرامة والمساواة والرفاهية.

كما نعاهد وطننا وشعبنا على بذل الجهود لإعادة سورية متألقة..مزدهرة، بزنود عمالها وفلاحيها وعقول كوادرها الخلاقة،و بالتعاون مع الأصدقاء الأوفياء الذين لم يتوانوا يوماً عن تقديم الدعم السياسي والاقتصادي والعسكري.

عاش المؤتمر الثاني عشر للحزب الشيوعي السوري الموحد!

العدد 1105 - 01/5/2024