عبود الكردي.. قبضاي الصالحية

عبود الكردي، قبضاي حقيقي في تاريخنا المعاصر، يعرفه الدمشقيون جيداً. يتجول في شوارع المدينة بشارب قيل إنه كان (بيوقف عليه النسر) من حجمه، وشرواله الأسود العريض، ويشارك بكل المناسبات الوطنية، متظاهراً، ومنادياً، وضيفاً ظريفاً على زعماء البلاد.

هلّل للوحدة مع مصر، لكنه عارض قيامها بهذا الشكل العشوائي غير المدورس، الظالم لحقوق السوريين.

شوهد يوماً يقلد خطاب الرئيس جمال عبد الناصر وكلمته الشهيرة: (دا يوم…).. حيث قال عبود الكردي بلهجة مصرية: (دا يوم…) وأضاف باللهجة الدمشقية: (أكلنا خر…!).

قام مدير المكتب الثاني العقيد عبد الحميد السراج باعتقال الرجل وتعذيبه في إحدى أقبية المخابرات، وكان ذلك قبل توليه وزارة الداخلية بأيام.

ذات ليلة، كان ضباط كبار يسهرون ويسكرون في مكتب السراج، و(فقست) السكرة على عبود الكردي، فأرسل السراج من يحضره من الزنزانة ليتفرج الرفاق عليه وهو مكبل اليدين.

وصل عبود، دامي اليدين والقدمين، وبدأ العسكر يتفرجون عليه وكأنهم في سيرك وهم يضحكون من شدة السكر.

قال السراج، بلؤم وخبث: (شو يا قبضاي؟ قلتلي أنك من زكرتية الشام ما هيك؟ سالت عن نفوسك جوات السور بس ما لقيتلك أثر، لتكون من ببيلا يا عبود؟) ويُقصد ببيلا بأنه من خارج السور أي ليس دمشقياً.

أبتسم عبود الكردي بهدوء وأجاب الرجل الذي كان السوريين يرتجفون خوفاً لمجرد سماع اسمه: (وأنا اللخر كمان سألت عنك بحماه يا سيادة العقيد، وكمان ماحدا عرفك، ولا عرفوا أبوك…بس يشهد الله يا سيدي إنو كلهم، ومن دون استثناء، عرفوها لأمك…).

انفجر السراج من شدة الغضب، وطارت (السكرة) وأمر بإعادة عبود الكردي إلى السجن لكي (يتختج) بالحبوس!

العدد 1107 - 22/5/2024