الألف ليرة الجديدة والتضخم والتصريحات غير المسؤولة

يحاول حاكم مصرف سورية المركزي تبديد المخاوف، من أن طرح الورقة النقدية الجديدة من فئة الألف ليرة، لن يكون لها آثار تضخمية، وعقد لهذا الغرض مؤتمرين صحفيين، موضحاً أن هذه الألف ليرة الجديدة تحل مكان أوراق نقدية تالفة، تبلغ 70 مليار ليرة. ما قاله الحاكم في المؤتمر الصحفي الأول الأسبوع الماضي، وفي المؤتمر الثاني الأحد المنصرم، يكاد لا يختلف في مضمونه، لكنه أثار سؤالاً جديداً، عن جدوى عقد مؤتمرين لتوضيح فكرة واحدة؟

من الثابت أن طرح أوراق نقدية جديدة، يعني فيما يعنيه، زيادة في معدلات التضخم، ولكن في حال الاستبدال، كما روى الحاكم، فلايوجد مخاوف من تضخم جديد، إلا أن انخفاض منسوب الثقة، أدى إلى انتشار فكرة التضخم، وعدم تصديق الناس للروايات المتناقضة مع قناعاتهم. كما أن في التجارب السابقة، في تصريحات الحاكم، ما يثبت أن التغريد خارج السرب هو سيد الموقف، وأن ما يقال في العلن يختلف كلياً عن الحقيقة، أو هكذا اعتاد المتابعون لتصريحات الحاكم وبياناته. لايوجد حاكم يصرح للإعلام بهذه الغزارة التي يتبعها حاكم مصرف سورية المركزي، ولايوجد حاكم تتعرض عملة بلده الوطنية لكل هذه الضغوط، ويصر على عقد المؤتمرات الصحفية، لإيضاح الواضح، وتأكيد المؤكد، فيما التأثيرات السلبية الناتجة عن كل هذا الكلام الإعلامي كثيرة. إصرار الحاكم على الظهور الإعلامي، يعكس الفشل في إيصال الرسالة المراد منها، إقناع الناس بأنه لا يوجد تضخم جديد. ولو عقد الحاكم المزيد من المؤتمرات الصحفية، فإن تغيير الصورة النمطية لدى الناس، بات مسألة صعبة. حساسية التصريحات المتعلقة بالعملة الوطنية، جعلت من معظم حكام المصارف المركزية يفضلون الصمت على الكلام، تطبيقاً لقاعدة (السكوت من ذهب)، هذه القاعدة لم تصل إلى لمركزي السوري، وهو ما يجعل أسعار عملتنا تتأرجح، وقيمتها تتذبذب، لا بفعل عوامل نقدية وموضوعية، إنما بضغوط لتصريحات غير مسؤولة، وتفتقد الدقة.

لابد من التأكيد، أن ثبات العملة الوطنية واستقرارها، يرتبط بالواقع الاقتصادي، ولايمكن استثناء الحرب التي تتعرض لها البلاد، وتوقف الإنتاج وغيرها من العوامل الموضوعية وأثرها الهائل على أسعار صرف الليرة. ومن الثابت، أن تجار العملات والمضاربين، هم من يسيئون إلى الليرة، يضاف إليهم، التصريحات غير المسؤولة.

العدد 1105 - 01/5/2024