كي لا ننسى…كوثر رحمون (1933- 1998)

 في عام 1933 رأت النور لأول مرة.. وودعته يوم الأحد في 22 شباط عام ،1998 وفيما بين التاريخين عاشت الرفيقة كوثر رحمون حياة غنية بما تحفل به الأيام من صعوبات ومن حلو ومر، وعايشت نضالات الوطن ونضالات الحزب الشيوعي السوري والحركة النسوية.. وكانت دائماً في قلب الأحداث ومشاركة فيها، سواء بصفتها الشخصية المناضلة أم من خلال الدور الذي قامت به بجدارة رفيقة درب لزوج كرّس حياته كلها للنضال.

والدها د. أحمد حمدي رحمون كانت له نشاطات ضد الاحتلال الفرنسي، فقد نفته سلطات الانتداب إلى مدينة راوندوز شمال العراق من عام 1938 إلى 1940. وفي عام 1942 نُفي من دمشق إلى مدينة فيق بالجولان.

درست في مدينة الزاوية حتى عادت برفقة عائلتها إلى دمشق بعد الاستقلال .1946. أنهت دراستها في مدارس دمشق والتحقت عام 1951 بجامعة دمشق – قسم التاريخ. في عام 1950-1951 حازت على شهادة أهلية التعليم (الصف الخاص)، وفي 23 تموز عام 1951 تزوجت الرفيق يوسف الفيصل، قبل سفره للعمل في اتحاد الطلاب العالمي.

عملت كوثر رحمون عامي 1951 و1952 في اللجنة التنفيذية لاتحاد الطلاب العالمي، ثم في اتحاد النساء الديمقراطي العالمي، ثم أمضت سنتين في الدراسة بمدرسة الحزب العليا في موسكو، وقطعتها  وعادت مع زوجها إلى الوطن عام 1959 وعاشت مع أطفالها فترة العمل السري.

لم يتوقف طموح أم خلدون إلى العمل والثقافة عند حد.. فحين عادت إلى حياتها الطبيعية في الستينيات، انتسبت إلى الجامعة وحازت عام 1970 على الإجازة في الآداب، وعملت مدرّسة للتاريخ في ثانويات دمشق إلى أن أقعدها المرض عام ،1984 إذ تحفظ لها زميلاتها وتلميذاتها جميل الود والتقدير.

كانت أم خلدون خلال رحلتها الطويلة مثال التفاني، سواء في أداء مهامها الحزبية والاجتماعية أم في نضالها المثابر الواعي من أجل حقوق المرأة وتحررها، الذي مارسته أيضاً أثناء عملها فترات زمنية طويلة في المكتب التنفيذي لرابطة النساء السوريات لحماية الأمومة والطفولة.

عملت أم خلدون في هيئات حزبية مختلفة، في الفرق واللجان الفرعية، وانتخبت في المؤتمر الخامس للحزب عضواً مرشحاً للجنة المركزية، ثم عضواً في اللجنة المركزية في المؤتمر السادس، وللرفيقة كوثر مساهمات طيبة في المؤتمرات الدولية الخاصة بقضايا المرأة والأسرة والوطن.

في صراعها مع المرض قدمت بصلابتها وتصميمها على الحياة أمثولة أخرى، وكانت في عزلتها الصمتية تتابع واعية أحداث البلد والعالم والأسرة وكل ما يتعلق بحياة الإنسان الطبيعية، ولم يكن يؤلمها إلا انشغال الزوج والأبناء بها، والوقت الذي (يهدرونه) في خدمتها، على حد تعبيرها، إلى أن استسلمت يوماً ورحلت.

العدد 1105 - 01/5/2024