فشلٌ مستمرّ يئد مستقبل أبنائنا

 منذ ما يقارب عقد من الزمن دأبت وزارة التربية على التعديل المستمر للمناهج الدراسية لكل المراحل، وتكرَّر هذا التعديل حتى وصل إلى شبه سنوي، وفي كل مرة كانت تتعالى الأصوات المعترضة، بينما يأتي رد الوزارة بأن ما يتم العمل عليه هو بناء جيلٍ واعٍ متطورٍ مواكب لأقرانه في العالم أجمع، إلاّ أن ما تحقق ولا يزال العمل عليه قائماً حتى اليوم، لم يعطِ نتائجه المرجوة منه لعدَّة أسباب، أهمها أن الوزارة المعنية لم تعمل على التطوير الجاد والفعال للكوادر التدريسية التي ستقدم المناهج الجديدة للتلاميذ، فالدورات التدريبية التي يجري فرضها بشكلٍ قسريٍّ على المدرسين ليست بذات فائدة، إما بمدَّتها الزمنية ذلك أن أسبوعين ليسا زمناً كافياً ليكتسب المدرِّس/ة المهارات اللازمة للتعامل مع ما اختلف في المنهاج، ولا من حيث مضمون برامج تلك الدورات.

تقول إحدى المدرسات اللواتي حضرن الدورة التدريبية التي سبقت بداية العام الدراسي الحالي: (كان ذهابنا على الفاضي، التعديل المطروح لنا كمدرسين هو اختلاف ببعض المصطلحات فقط، فبدلاً من أن نقيم بكلمة مقياس التطوير الذهني كان التغيير أن نضع كلمة معيار بدلاً من مقياس، وصراحةً أنا لم أفهم الفرق بينهما، أما فيما يخص تواصلنا مع المنهاج الجديد، وأنا مدرِّسة صف أول، لم تكن الكتب بين أيدينا لنعرف ما هو التعديل، ولهذا السبب حُشرنا يومياً في غرفة واحدة مع جميع الكوادر الباقية للصف الثاني والرابع والعاشر، وكأننا جميعاً ندرِّس المرحلة ذاتها، إذاً فلا تعديل!! وككل مرة يكون حضورنا لهذه الدورات فقط لنمنع العقوبة عن أنفسنا، فقد اعتدنا الذهاب ونحن مدركون أن لا تغيير حقيقياً ومهماً سنحصل عليه: (تيتي تيتي.. متل ما رحتي متل ما جيتي)!

هذا هو التعديل والتغيير الذي تجريه الوزارة الموقرة، تعديل بالكلمات والمصطلحات دون فهم الفارق بينها، فما دام الواقع العملي هو نفسه دون تغيير، وصار الصغير والكبير يفهم أن النتيجة الوحيدة من كل تلك الدورات التدريبية هو هدف مادي بحت لمن يقومون عليها، بينما ما على المدرس إلاّ الحضور دونما أي تحفيز، لا مادي ولا معنوي، بل إن تغيب عنها فالعقوبة جاهزة ألا وهي الحسم المادي، ما سينعكس بدوره حتماً في نهاية المطاف على التعامل مع الأطفال!!!

أستذكر صوت أحد مدرسي مادة الرياضيات الصارخ على التعديل الذي طرح بين 2007 و،2009 حين سأل وزير التربية السابق: من أعطاكم الحق بتحويل جيل كامل إلى فئران تجارب؟ ومن منح أجيالنا الأحقية بالحصول على شهادات عليا بينما تسرقون هذا الحق من هذه الأجيال؟

شكراً وزارة التربية على إفشال العملية التعليمية بمختلف مستوياتها، ابتداء من المناهج وليس انتهاء بتأهيل الكوادر، وليكن تدهور جيلٍ كامل حتى اليوم إن لم نقل أكثر تاجاً مرصعاً على رؤوس جميع القائمين على هذا الفشل.

العدد 1107 - 22/5/2024