كن شريكي… لنتكامل!

يعتبر التَّكامل والتَّوازن من أهم العناصر المكوِّنة للعلاقة بين الرَّجل والمرأة، فما يملكه أحد الشَّريكين مكمِّلٌ بالضَّرورة للشَّريك الآخر، ولهذا فإن اللاوعي السَّاعي للاكتمال عند البشر يساهم في اختيار الآخر شريكاً في الزَّواج، إلاّ أن الصُّورة في واقع الأمر ليست على ما يجب أن تكون عليه في حال تفوَّقت المرأة على الرَّجل في الكثير من الأمور، وليس أقلَّها الشَّهادة العلمية أو المكانة الاجتماعية أو المهنية، وهنا يتبلور واضحاً السَّبب في معظم الخلافات الزَّوجية مهما كانت محاولات تغليفه كبيرة.

فالرَّجل، بحكم التَّربية المجتمعية، لا يقبل إلاّ أن يكون هو رأس الحربة في كلِّ القضايا، فإن حدث أن تفوَّقت عليه شريكته (وتحديداً إن كان هذا التَّفوق واضحاً للعيان ومحطّ إعجابٍ وتقديرٍ من المحيط الخارجي عنهما) تحول الكلام النَّظري عن التَّساوي والتَّكامل إلى مجرد لعبٍ بالكلمات، وانتاب الرُّعب عقل الرَّجل من سيطرة شريكته عليه وسلبه كلّ الهبات الاجتماعية، ما يجعله يعيش في دوَّامةٍ من الهواجس لا وجود لها إلا في ذهنه، ذلك أن المرأة حين تتعمَّد السَّيطرة على الرَّجل لا تنتظر تميُّزاً أو تفوُّقاً، بل إن ذلك ناتج تركيبةٍ فكريةٍ تربَّت عليها ولا علاقة لها بأية اعتباراتٍ أخرى.

فمفهوم التَّكامل موجودٌ عند النِّساء بنسبةٍ أعلى ممّا عند الرِّجال حتى ولو باللاوعي، والأمثلة على ذلك كثيرة، فالعديد من النِّساء يعملن على الرُّقي بأنفسهنَّ ليكنَّ نظيراتٍ لأزواجهنَّ سواء على الصَّعيد الدِّراسي أو المهني أو غيره. فالمرأة التي لم تكن تمتلك شهادةً جامعية، أو مكانةً مهنيةً معينةً نراها تسعى بعد الزَّواج لأن تزيد من تحصيلها العلمي أو من جهدها في عملها لتتطور فتصبح مشابهةً لزوجها محقِّقةً لعلاقتهما نوعاً من التَّوازن الذي ربما يرضي غرور الرَّجل أمام المجتمع، فيتباهى علانيةً بما وصلت إليه زوجته، بينما تبرز الحقيقة في علاقتهما الثُّنائية والخافية عن الأعين، وغالباً ما يكون هذا سبباً للعديد من الخلافات بينهما وقد تؤدي لإنهاء العلاقة نهايةً أبدية.

ما يؤسف له أن بعض رجال العصر الحديث لم يتمكّنوا من التَّخلص من العديد من العقد النَّفسية المتراكمة، والأسوأ أنهم لم يتخلصوا حتى من ازدواجية المعايير، فكل منهم يطالب بزوجةٍ متميّزةٍ ليتباهى بها خارجاً، لكنه في الدَّاخل لا يقبل إلاّ أن يكون هو الأول والأعلى غير مدركٍ ولا قابلٍ لإدراك أنه إن اقتنع فعلاً بالشَّريكة المتفوِّقة فعلاقتهما وأبناؤهما هما المستفيد الأول، وأصبحا ثنائياً متميزاً حقيقةً وفعلاً لا قولاً وتنظيراً، فكما أن الإيجاب سينعكس عليهما معاً، كذلك فإن الحالة المعاكسة ستستهلكهما معاً وتودي بهما وبعلاقتهما معاً، وستؤدي إلى نتائج غير مرغوب فيها على صعيد الأبناء.

ليس عاراً أن أكون مثلك وأن تكون مثلي… فيدك وحدها لن تفعل شيئاً إن لم تشتبك بها يدي… اقتنع بي شريكةً مكمِّلةً لك، فغايتي ليست السيطرة على شخصك ومكانتك بل أن نرقى معاً وأن تكون سندي حينما أشعر بفقدان التَّوازن!

العدد 1107 - 22/5/2024