رجال يطاردهم الاكتئاب.. والسبب نجاح المرأة

لربما نجد اختلافاً إذا سُئِلت الزوجة عن مدى سعادتها بتفوق زوجها الوظيفي وكان جوابها مبنياً على الفخر والاحترام. بالمقابل إذا بحثت في نسب المصابين بالاكتئاب وجدت رجالاً يعانون الاكتئاب والنقص بسبب تفوق زوجاتهم في العمل أو العلم أو الحياة الاجتماعية.

فالتناقض البارز أعلاه يضعنا أمام شريحة (حتى وإن لم تكن كبيرة) من الرجال الرافضين علو مكانة المرأة على مكانتهم العلمية والفكرية. وهذا ما يجعلنا نصل إلى اكتشاف الخلل وعقدة النقص البعيدة كلياً عن الغيرة في حالتها الطبيعية جداً للإنسان سواء كان رجلاً أو امرأة، وقد لا نستغرب غيرة الرجل من رجل آخر ينافسه في العمل فتلك الغيرة بداعي حب التفوق، لكن ما تفسير غيرة الرجل من المرأة والتبرم من نجاحها؟! وليست أية امرأة بل (الزوجة) في صلة القرابة الروحية المفترض بناء العلاقة استناداً إلى تلك القرابة وإلى أهمية التشارك وتفضيل الآخر على الذات.

فذلك أمر يجب التوقف عندهُ، ولنتساءل: ما الذي يدفع الرجل إلى الغيرة من نجاح زوجته وتفوقها عليه؟ أهو حب التملك وتقليد لمراسم السيطرة؟ أم أن ذلك يرجع للعادات والتقاليد التي تمنح الرجل حق التفوق على المرأة في كل شيء؟ أم هو الفهم الخاطئ لمعنى (الرجال قوامون على النساء)؟!

لكن بالشكل العام والشمولي لشريحة الرجال تلك، نجاح المرأة يعتبر انتقاصا ًمن رجولتهم ومكانتهم كأزواج، فتبدأ الغيرة بالحدّ من تفوقها وتعكير فرحة نجاحها، وتنتهي في الغالب بتحطيم الاستقرار الأسري بحثاً عن شريكة أخرى تكون أقلّ منه في جميع النواحي وتحقق له الرضا عن الذات.

فالرجل الشرقي بطبيعته المجبولة على تقاليد المجتمع العربي يخاف المرأة الذكية والطموحة ويدرك إمكانية تفوقها، لكن خللاً ما يمنعه من أن يكون مُباركاً لهذا التفوق لكونه المسؤول الأول والأخير عن الأسرة، بنظره.

فنحن بصدد مفاهيم لابدّ من تجاوزها، وأن نعي أن نجاح المرأة يُثري العلاقة الزوجية ولا يؤثر فيها إلاّ تطوراً وعطاءً، وهنا نحن بصدد اختلاف في المعطيات، فتشارك الرجل والمرأة في المسؤولية والمساعدة الزوجية وصولاً إلى تأمين حياة أفضل لهما ضرورة يجب العمل بها وعليها.

العدد 1107 - 22/5/2024