حال المجتمع هو حال المرأة تحضّراً أو تخلفاً

يستند مفهوم الرّجل الشّرقي المنغلق على ذاته، التي كرّس وراكم فيها جملة من الاعتقادات والموروثات الصدئة، على اعتبار الفارق الجسدي بينه وبين المرأة من حيث القوة البدنية والقدرة على بذل الجهد فارقاً أساسياً وهامّاً، وهناك نظرة مازالت قبلية وأصولية جعلته يهيمن على المرأة ويعزلها عن مجتمعها بين جدران المنزل، وتحت سقوف العيش الضيقة من الكبت الفكري والنفسي. وخروج المرأة عن هذا الإطار الخانق يُعتبر تمرداً على قيم السلف وعادات البيئة المجتمعية بأفكارها وقيمها، ولمّا تحررت المرأة من قيود الزمن والمجتمع، وأُفلت عنان العقل من أصابع القدر، حان وقت الأفكار ولم يعد ممكناً إيقاف جموح الحقيقة والعدالة، فتساوت المرأة بالرجل أو كادت، بإثبات نفسها في شتى ميادين الحياة وأمست مدرسة تُعِدُّ الشعوب الطيبة والأعراق النبيلة.

هي نقلة هائلة ما بين الماضي والحاضر، ودفق غزير نحو المستقبل لم تستطع عقول بعض الجهّال من الرجال تقبّله، واستيعاب إيجابياته الكبيرة. وقد تظل نظرة هؤلاء ممتلئة ريبة وشكّاً، وشعوراً بالنقص لا يفتر، ولربما غيرة قد لا تخبو نارها، وفي هذا الكثير من الجهل والكثير من الغباء، فتعليم رجل هو ولادة فرد وهذا لا يعادل تعليم وإنجاح امرأة ستلد النجاحات تلو النجاحات كما تلد الشعوب والأمم، فلا مبرر لما يكتنف الرجال من أرق وغيرة تجاه زوجاتهم الناجحات، واللواتي هنّ على قدم المساواة من التحضر والرقي الفكري والمجتمعي، إذا ما اتسم المجتمع وتميّز بهن، فإعداد المرأة مطلب ملح لنهضة فكرية وأخلاقية تبدأ من الأسرة وتنتهي بالأمة، فحال المجتمع بالضرورة هو حال المرأة تحضّراً أو تخلفاً.

العدد 1107 - 22/5/2024