«ماتخافوش»!..أنا خائف جداً.. والبقية عندكم!

 القصة تعود لسنوات تعود إلى ما قبل الأزمة التي تعمّ سورية هذه الأيام، وكنت يومذاك أتفرج على مسلسل (ماتخافوش) المصري، وهو مسلسل كان يقوم ببطولته الفنان العربي الراحل نور الشريف. وقد جعلني هذا المسلسل بأكثر حالاتي خوفاً، فأنا في الأصل أخاف من (خيالي)، وخاصة بعد سجني الطويل، بسبب طول لساني، ولكن القصة أن الخوف لا يمنع الإنسان من أن يقول كلمة الحق. لذلك قال أجدادنا: (كلمة الحق تقال ولو على قطع الراس!).

أتعرفون ممّ أخاف؟! سأعيد الفكرة اليوم، وهي قديمة، اشتغلت عليها عند مشاهدة ذلك المسلسل: أخاف من وسائل الإعلام، فقد كان هناك سيل من الفضائيات تبث ليل نهار في بيوتنا، جعلتنا مكشوفين في العراء، وفكرت يومذاك أن أربي أولادي من خلال إلغاء البث التلفزيوني في البيت، ولم أفعل ذلك لأن هذا يعني، في رأي الناس، أنني متخلف!

المحطات مفتوحة في كل مكان والممنوع يمر عبر المواقع الإلكترونية، فماذا سيفعل أولادنا، وليس في محيطهم علاقات اجتماعية تحميهم؟

أنا لا أستطيع أن أمنع أولادي عن إبداء الرأي السياسي، فكل محطة لابد لها من برنامج حواري يجعل الأولاد في حالة بحث دائمة عن موقف سياسي، وربما يتجه هذا الموقف يميناً أو يساراً، وأنتم تعرفون ماذا يعني الموقف السياسي يميناً أو يساراً ووسطاً؟!

 إن قمت بإرضاء (سين) الأولى تزعل (سين) الأخرى، وإن انحزت لحماس تزعل فتح، وإن عصّبت على الجبهة الديمقراطية، تزعل الجبهة الشعبية، وإن وقفت مع الشيوعيين يزعل الناصريون وهكذا!

كل هذا بسيط أمام المحطات الفضائية الطائفية!!

هل تعرفون ماذا كانت تبث بعض المحطات؟!

تبث السم في البيت الواحد، تجعل من (خلاف صحابيين جليلين) قبل مئات السنين فقهاً وطائفة ومجزرة في القرن الحادي والعشرين، فضلاً عن أن قصة الخلاف ملفّقة أصلا (!!!)..

نعم.. أنا أخاف من أشياء كثيرة يتركها الفضاء المفتوح حولنا، وأكثر شيء أخاف منه هو: إشعال الطوائف بفكر طائفي… نعم، هذا ماقلته يومذاك، وأضفت:

حتى لو زعل الفنان العربي نور الشريف من عدم جدوى دعوته لنا: ماتخافوش! فأنا ميت من الخوف. ميت من الرعب من تفتيت مجتمعاتنا إلى طوائف، وخاصة أنه لا ينقصنا تفتيت ولا فتن ولا انقسامات..

هل أنتم خائفون مثلي؟!

بالله عليكم..

هل أنتم خائفون؟!

أنا خائف!!

هذا ما قلته قبل الربيع العربي بسنوات..

العدد 1104 - 24/4/2024