لنعمل على حماية المياه وتنميتها وترشيد استخداماتها

 يحتفل العالم سنوياً في 22 آذار باليوم العالمي للمياه، بناء على القرار، الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 22 كانون الأول ،1992 بهدف تعزيز الجهود الرامية إلى الوفاء بالالتزامات الدولية المعلنة بشأن المياه، من خلال وقف كل البلدان الاستغلال غير المستدام للموارد المائية، ووضع خطط متكاملة لإدارتها، ورفع كفاءة استخدامها، ويسلط الضوء سنوياً على جانب معين من المياه العذبة، والذي يكون له تأثير كبير على أغلب سكان العالم.

وفي هذا العام أحيا العالم اليوم العالمي للمياه تحت شعار (المياه النظيفة من أجل عالم صحي) بهدف تنمية الوعي بأهمية المياه في التنمية، فالمياه النظيفة حسب منظمة الأمم المتحدة للموارد المائية يمكن أن تؤمّن ما يلي:

صحة أفضل: تتيح المياه النظيفة ممارسة أفضل للنظافة والصرف الصحي، وتخفض مستوى التعرض للأمراض المنقولة بالمياه التي تصيب مئات الملايين من الناس الفقراء.

– نمواً اقتصادياً: تساعد إمكانية الوصول إلى المياه النظيفة في تخفيض أعباء المرض والوفاة المبكرة، ما يتيح للناس تكريس وقت أطول للأنشطة الإنتاجية والخروج من الفقر.

حياة أفضل للنساء والفتيات: إن أمكانية الوصول إلى المياه، توفر للنساء والفتيات في الدول النامية وقتاً أطول للتعلم وكسب العيش.

لذلك فإن ضمان الحصول على المياه النظيفة والصرف الصحي للجميع، يؤدي إلى المساهمة في الحد من الفقر، وزيادة النمو الاقتصادي، والاستدامة البيئية، ودعم مسألة الأمن الغذائي، وتحسين الرفاه الاجتماعي، والنمو الشامل لما له من أثر على معيشة مليارات البشر.

وفي هذا اليوم أُطلق في مدينة جينيف في سويسرا، ووزّع تقرير تنمية المياه في العالم لعام 2016 تحت عنوان (المياه والعمل)، ذلك أن هذا العام، هو عام المياه والعمل، ويتزامن الاحتفال هذا العام مع العام الثاني للخطة العشرية الثانية لأهداف الألفية الثالثة (2015-2025) التي جاءت تحت شعار (الماء من أجل الحياة). وقد تضمنت هذه الخطة إيصال المياه عبر الصنابير إلى ما يقارب من ملياري إنسان حول العالم يمثلون ربع سكان الأرض، لم تكن تصل المياه النقية إليهم لتكفي احتياجاتهم اليومية.

إن الصورة العامة لوضعية المياه في العالم، ما تزال مقلقة وقاتمة، فنحو مليار إنسان معظمهم في دول العالم الثالث لا يستطيعون الحصول على احتياجاتهم المائية الخالية من التلوث، كما أن مليوناً ونصف المليون طفل يموتون سنوياً بسبب الأمراض التي تنقلها المياه. ويتوقع الخبراء، أنه بحلول عام 2050 سوف يعيش ربع سكان العالم تحت خط الفقر المائي، أغلبيتهم من دول الشرق الأوسط وأفريقيا وأجزاء من الهند والصين. وهناك مجموعة من الحقائق والأسباب أدت إلى هذا الوضع نذكر منها:

– شحّ المياه العذبة ومواردها، إذ لا تتجاوز نسبتها 5,2% من إجمالي حجم المياه الموجودة على كوكب الأرض.

– عدم وجود بديل للمياه.

– النسب العالية للنمو السكاني.

– ارتفاع نسبة الهجرة من الريف إلى المدينة.

– عدم ترشيد استخدامات المياه في الزراعة، إذ تستخدم الزارعة المروية نحو 75% من المياه.

وترتفع لدى بعض البلدان لتصل إلى 85-90%.

– تعدد المجاري المائية الدولية.

يمر هذا اليوم وسورية تتعرض لموجة جفاف، ولم تتعدّ النسبة المئوية للهاطل المطري 56% من المعدل السنوي، مما انعكس سلباً على حجم التخزين في كل السدود،  فلم يتجاوز 31% من الحجم التصميمي. وفي ظل هجمة ظالمة، ما زالت تشنها قوى إرهابية وتكفيرية ظلامية، مدعومة من الدول الرجعية والاستعمارية، ألحقت أضراراً جسيمة بقطاع الموارد المائية، تمثلت بدمار كبير في مشاريع مياه الشرب والاستخدام المنزلي ومعظم مشاريع الري واستصلاح الأراضي، وتوقف المشاريع الجديدة في هذين المجالين، وسرقة ونهب معظم الآليات والمعدات ووسائل النقل، وسرقة ونهب مستودعات الشركات العامة العاملة في تنفيذ وإدارة مشاريع مياه الشرب والاستخدام المنزلي ومشاريع الري واستصلاح الأراضي، ومشاريع بناء السدود وحفر الآبار، إضافة إلى استشهاد العديد من الكوادر الفنية.

ولمواجهة هذا الوضع وتأمين مياه الشرب، اعتمدت الحكومة خطة طوارئ متكاملة، شملت معظم المحافظات السورية وبوشر في تنفيذها، وتهدف إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لتأمين مياه الشرب للتجمعات السكانية في المحافظات في حالات الطوارئ، التي تشمل انقطاع التزويد من المصادر الرئيسية، أو نقص الواردات من المصادر المائية نتيجة الأحوال الجوية، أو تراجع الإمدادات في حوامل الطاقة، وتتضمن تأمين منظومة مصادر بديلة قادرة على مواجهة معظم الاحتمالات الطارئة، إضافة إلى إجراءات أخرى مثل تزويد التجمعات السكانية بخزانات طوارئ وتأمين مجموعات توليد احتياطية.

ووفقاً لهذه الخطة، أنجز حفر عدد كبير من الآبار الاحتياطية وتجهيزها في مدينة حلب، بحيث وصل عدد الآبار العاملة لتأمين مياه الشرب إلى 207 آبار، تؤمّن نحو 68 ألف متر مكعب يومياً، وفي مدينة دمشق ستُرفع طاقة مراكز الضخ إلى 200 ألف متر مكعب بدلاً من المتوفر حالياً والبالغ 100 ألف متر مكعب، وذلك عن طريق حفر 144 بئراً إضافياً وتجهيزها. بهذه المناسبة نتوجه إلى كل مؤسسات مياه الشرب في المحافظات السورية والكوادر الفنية العاملة فيها بالتحية والتقدير على الجهود التي يبذلونها لتجاوز معظم الأزمات المتعلقة بتوفير مياه الشرب الآمنة للمواطنين، والتي ساهمت بصمود المواطن السوري.

إن أهمية المياه في حياتنا تكمن في عدم وجود بديل لها، وإن الطلب عليها لن يتوقف، وسوف يزداد يوماً بعد يوم انعكاساً لتزايد معدل النمو السكاني والتطور الاقتصادي والثقافي والاجتماعي للمواطنين، لذلك علينا العمل جميعاً أفراداً وأسراً وجمعيات ومنظمات واتحادات ونقابات وأحزاباً من أجل المحافظة على هذا المورد الهام وترشيد استخداماته، وحمايته وتنميته ليس فقط من أجل أنفسنا، بل من أجل الأجيال القادمة.

العدد 1107 - 22/5/2024