قامات سورية…ناظم القدسي

 كان القدسي واحداً ممن ساهموا بنشاط في الحياة السياسية السورية، وعلى رغم اتهامه بأنه من رموز البرجوازية السورية، فإنه كان واحداً ممن أسسوا لحركة سياسية قوية نهضت إبان الاستعمار الفرنسي، وظلت فاعلة خلال الاستقلال وبعده..ولد ناظم القدسي في مدينة حلب عام ،1905 وانتسب إلى كلية الحقوق في دمشق عام ،1923 وتخرج فيها حاملاً إجازة الحقوق في ،1926 وتابع دراسته العليا في جامعة جنيف السويسرية، فنال شهادة الدكتوراه في الحقوق الدولية العامة والخاصة عام 1929.

عاد القدسي إلى حلب ومارس المحاماة فيها عام ،1930 وكان عضواً عاملاً في الكتلة الوطنية، التي قادت معركة الكفاح الوطني ضد الفرنسيين وحققت الاستقلال. وفي عام 1936 رشح نفسه للانتخابات النيابية، وفاز بالنيابة عن مدينته حلب، ومثّلها في البرلمان خمس دورات متتالية. وكان السفير الأول لسورية لدى الولايات المتحدة الأمريكية، وتقلّد مناصب عدة منها وزارة الخارجية ورئاسة البرلمان ورئاسة الوزراء مرتين في عامي 1950 و1951.

وارتبط اسم القدسي في الذاكرة السورية بحادث جرى عام ،1954 عندما كان رئيساً للبرلمان، إذ يتردد أنه فاجأ الجميع بجلوسه على مقاعد النواب وليس على مقعد الرئاسة. وقبل أن يسألوه عن المبرر أو السبب، فتح محفظته وأخرج صحيفة (الرأي العام)، ثم توجه إلى النواب قائلاً: (أيها الزملاء، لقد وجهت لي جريدة الرأي العام تهمة مفادها أنني أمرت بفتح شارع يمر قرب قطعة أرض لي بهدف رفع سعرها. وأنا منذ هذه اللحظة أضع نفسي أمامكم موضع المتهم، وأطلب تشكيل لجنة برلمانية ترافقها لجنة فنية تذهب إلى موقع الأرض وتعاين على الطبيعة صحة الاتهام. فإن ثبتت التهمة، أطلب منكم رفع الحصانة عني وتقديمي إلى المحاكمة).

وبالفعل، شكلت لجنة وذهبت إلى الموقع المذكور وعادت بتقرير يثبت بطلان التهمة، فوقف الرئيس القدسي أمام البرلمان، وقال: (إنني أسقط حقي في إقامة دعوى على الصحافي القدير الأستاذ أحمد عسّة، رئيس تحرير جريدة الرأي العام، احتراماً مني لحرية الصحافة وتقديراً لاهتمامه بالمصلحة العامة).

انتخب رئيساً للجمهورية بين أعوام 1961- 1963 وغادر سورية واستقر في الأردن حتى وفاته عام 1997.

العدد 1105 - 01/5/2024