قامات سورية…رمضان شلاش… نضال ضد المستعمر وتاريخ لا ينسى

 ولد رمضان شلاش بن عبد الله السليمان في قرية الشميطية الواقعة على الفرات غربي دير الزور في عام 882 1م، حيث نشأ نشأة كريمة في كنف والده شلاش العبد الله السليمان شيخ العشائر البوسرايا، التي ترجع بنسبها إلى الشريف الرضي، وبعد بلوغه العاشرة من عمره استدعاه السلطان عبد الحميد إلى الأستانة استنبول ليدرس في مدرسة العشائر العربية عام ،1892 فقد اختير تلامذتها من أبناء الشيوخ، وتخرج في مدرسة العشائر عام 1897 فألحقه السلطان عبد الحميد بالمدرسة الحربية، فدرس  ثماني سنوات وتخرج فيها عام 1905 برتبة ملازم خيال. عيّنه السلطان عبد الحميد مرافقاً فخرياً له، ومن ثم جرى تعيينه في حلب برتبة ملازم بلواء الخيالة، وبعد خلع السلطان عبد الحميد من الحكم، نُقل رمضان شلاش إلى دمشق وشارك بقيادة وحدة حربية للجيش العثماني، وبعد ذلك شارك في معارك طرابلس الغرب عام 1912 ورجع بعدئذ  إلى الموصل بالعراق ليقوم بتأمين معيشة الفيلق الثاني عشر بقيادة ياسين باشا هاشمي.

في عام 1914 بعد اندلاع الحرب العالمية الأولى، عُيّن رمضان شلاش من قبل ياسين هاشمي قائداً لسرية الجمالة في الجولان في القنيطرة، وانتسب إلى جمعية المنتدى الأدبي، وفي عام 1916 عيّن قائداً للسرية الخامسة في لواء الهجّانة في المدينة المنورة،  ثم التحق بالجيش العربي بدعوة من الأمير زيد، ورجع إلى دمشق حيث عيّنه الأمير فيصل حاكماً عسكرياً على قضاء الفرات والرقة والخابور عام 1919.

 بعد استقلال سورية عاد رمضان شلاش إلى دير الزور وبقي حتى عام 1961 وأصيب بمرض أدى إلى وفاته في دمشق ودفن فيها.

أما عن نضال رمضان شلاش ضد الإنكليز فلا ننسى الثورات المختلفة: قامت بريطانيا باحتلال منطقة دير الزور، حسب اتفاقية (سايكس بيكو) التي جعلت هذه المنطقة من حصة بريطانيا على أن تكون الموصل في العراق من حصة فرنسا، كان ذلك عام 1916. كان كامير الحاكم الإنكليزي على دير الزور، وقد عامل الأهالي معاملة سيئة جداً مما أغضب الزعيم رمضان شلاش، فقام بتأليف جيش من العشائر المجاورة، إضافة إلى من كانوا معه من عشيرته البوسرايا، حتى وصل عدد جيشه إلى500 رجل منهم على الخيل والقليل منهم على الإبل، وحين وصل إلى منطقة قريبة من دير الزور توقف هو وقواته، فأعاد تنظيم الفرسان المقاتلين وأعطاهم التعليمات اللازمة، كان ذلك يوم 10 كانون الأول 1919 على أن يبدؤوا بالهجوم على القوات الإنكليزية في فجر 11 كانون الأول، وبالفعل في فجر ذلك اليوم هاجم رمضان شلاش دير الزور واصطدم مع قوات الاحتلال الإنكليزي، ودامت الاشتباكات 8 ساعات متواصلة كانت كفيلة بتكبيد الإنكليز خسائر فادحة بالعدد والعتاد، ووقع ما تبقى من هذه القوات أسرى بيد رمضان وجيشه.

ونضاله ضد الفرنسيين في منطقة الفرات: بعد النصر الكبير الذي حققه رمضان شلاش على الإنكليز، أصبح هذا المجاهد محطّ أنظار الجميع، ولمع نجمه في جميع الأراضي السورية وبلاد الشام والحجاز والعراق، وعندما بدأ التخطيط لاحتلال سورية من قبل فرنسا استنجد الأمير فيصل برمضان شلاش وقابله في دمشق ورفعه إلى رتبة زعيم، وكلّفه فيما إذا هاجمت فرنسا سورية بإشتعال نار الثورة في منطقة الفرات. لبى رمضان النداء واتجه إلى منطقة الفرات يستنفر عشيرته والعشائر القاطنة في وادي الفرات، وشكّل جيشاً قوامه3000 مجاهد، حاصر دير الزور لمنع الفرنسيين من دخولها، وجرت معارك كبيرة بينه وبين القوات الفرنسية، استشهد فيها سبعة من المجاهدين وقتل عدد من أفراد القوات الفرنسية، ودام القتال والمقاومة عدة أيام، ولكن عدم التكافؤ في العدد والعتاد أدى إلى دخول الفرنسيين دير الزور، وانسحب رمضان شلاش بقواته، وتابع مع كتيبته من الفرسان إلى حوران والتقى هناك قائد الثورة السورية الكبرى سلطان باشا الأطرش ونسيب البكري وجميل مردم وجرى تكليف شلاش بمقاومة الاحتلال الفرنسي في الغوطة.

قام رمضان شلاش ومعه المجاهد حسن الخراط بمهاجمة قصر العظم في دمشق، بعد أن وصلت أنباء عن وجود القائد الفرنسي (ساراي) في القصر، فحاصروا القصر وقتلوا الجنود الفرنسين فيه، ولكنهم لم يعثروا على ساراي مما دفع هذا الأخير إلى قصف دمشق في اليوم التالي كان ذلك (2 تشرين الأول عام 1925).

المجد والخلود لثوار سورية!

 

العدد 1107 - 22/5/2024