لا ورع ولا حـياء.. في قرار رفع أسعار الدواء

 مازال وجه دمشق يلوح وجعاً كئيباً متشحاً بالأسى. ومازالت الحرب تشرح بأهوالها جسد تلك المدينة فيقطر الدم وتحبس الآهات كي لا يسمعها الأعداء فيشمتون. دمشق من صبرت وقاومت مدافع الشر الخارجية ومخططات الدول الإمبريالية الاستعمارية، نسمعها اليوم تتناسى مدية الأعداء الخارجيين، لينقلب صراخاً ووجعاً حقيقياً في وجه بعض من تحتويه على أرضها ويأكل من خيرها. واليوم يقرر استكمال مسيرة الغنى الفاحش وتكديس الثروات مستغلاً حضور الأزمة وغياب الرادع الأخلاقي والدفع لخط قرار جديد برفع أسعار الدواء. تصرخ دمشق: كفّوا عن تشويه وجهي! كفوا أقلامكم عن خط قراراتكم التي زادت وماتزال تزيد في إنهاك وتشظي أرواح من بقي على قيد الحياة وقيد الحرب.

تتذرع معامل الأدوية بارتفاع أسعار المشتقات النفطية وغياب المازوت تحديداً الذي يقوم عليه عمل تلك المعامل، وقد أضرب أصحابها فيما مضى من الوقت عن العمل، فانعكس ذلك سلباً على توفر الأدوية في السوق السورية وخاصة أدوية الضغط والسكري. ويبدو أن ضغطهم هو ما أصدر القرار الأخير برفع أسعار الدواء، مع العلم أنه يوجد أدوية رابحة 100% وكل ما في الأمر مرده تأرجح بسيط في الأرباح أدى إلى ضغوطهم لرفع أسعار الدواء. والسؤال هنا لماذا لا توضع دراسة لمعرفة الأدوية الخاسرة وفق مزاعمهم ورفع سعرها فقط؟

ومنذ نحو أكثر من عام رفعت شركات الأدوية أرباحها دون أي قرار، وذلك عندما خفضت العديد من الشركات كمية الدواء في العلبة الواحدة، فمثلاً دواء الالتهاب كان يحوي 20 مضغوطة ليصبح 10 مضغوطات بالسعر نفسه. أي أن الشركة رفعت أرباحها في هذه الحالة إلى 100% سابقاً ومع استصدار القرار الجديد الجائر برفع أسعار الدواء ستصبح أرباحها في هذه الحالة 150%.؟؟؟

وبناء على القرار الجديد سنشهد ارتفاعاً مخيفاً في أسعار الأدوية من 200% إلى 400% فمثلاً: دواء التروكسين من 280 ل. س إلى 930 ل. س، الكاربتيك: من 395 ل. س إلى 1935 ل. س، الميزاكول من 485 ل. س إلى 2160ل. س..

مشابهات الفلاجيل (ميترونيدزول)من 130ل. س إلى 520ل. س

الكريب ستوب شراب من 120ل. س إلى 525 ل. س. والقائمة تطول.

ويتساءل المواطن أيضاً: ماذا عن مستودعات الأدوية التي خزنت واحتكرت الدواء مع علمها بقرار رفع سعر الأدوية؟ لماذا لم يحدد القرار الأدوية المنتجة حديثاً فقط بل شمل الأدوية القديمة المخزنة؟

إن هذا القرار المجحف لم يأخذ في عين الاعتبار إمكانيات المواطن المادية، إذ يوجد الكثير من المواطنين لديهم أمراض مزمنة ويحتاجون إلى أدوية يومياً مثل أدوية الضغط والسكري والقلب، مما سيشكل عبئاً مادياً ضخماً عليهم. ولم يراع أحوال الناس الذين يكابدون الضنك والفقر وانقطاع الرزق، ومعظمهم خسر مصدر رزقه نتيجة الأزمة. والبعض الآخر غير موظف وليس لديه راتب، فما السبيل لمواكبة أطماع شركات الدواء والحال يفضي إلى العدم؟

هل يقترح علينا المسؤول عن رفع أسعار الدواء دواءً بديلاً ولو كان من حشائش الأرض كي يلجأ إليه المواطن الذي لا قدرة له على شراء الدواء بعد اليوم وبعد ارتفاعه بنسبة500%؟

هل سنشهد في القريب العاجل عودة إلى الطبيعة والطب البديل بعد ذاك القرار؟

لماذا أيها المسؤولون عن تلك القرارات لا تداوون مرضاكم ببلسم يخفف وقع قراراتكم بأن تصدروا قراراً مماثلاً وسريعاً برفع الأجور للعاملين، وبتقديم إعانات لغير العاملين في الدولة؟

اكبحوا بسلطتكم، سلطة الدولة التي مازالت قوية،كل من تسول له نفسه أن ينسج من هذه الأزمة بساط ريح يحلق به عالياً ومعه ثروة جناها من دموع البسطاء وأمراضهم وآلامهم، فهل بقي في الجسد العليل مكان يتسع أيضاً لمزيد من الجراح؟!.

أيها السوريون.. ازرعوا على شرفات منازلكم المليسة والنعنع والتوت البري وإكليل الجبل. وتداووا بالطب البديل وبمنتجات الطبيعة التي لا تعرف المن ولا تبخل عليكم ولا تريد منكم أرباحاً ولا يهمها تكديس الثروات ولا تفكر بالاحتكار في مخازنها ومستودعاتها لأن مخزنها هو العطاء وسمتها الرحمة ونتاجها دواء للأجساد العليلة. احجبوا بالزرع وجوه من يحاربكم ومن ليس لديه لا ورع ولا حياء عندما خط قرار رفع أسعار الدواء.

العدد 1105 - 01/5/2024