من تداعيات الأزمة والغزو.. مليارات مهدورة

 في كل مرة يدور الحديث فيها عن الأزمة السورية وتداعياتها، يطول فيها الكلام، ويتشعب النقاش، وتتعدد النقاط، من تهجير، وخطف، وغلاء الأسعار، وضغط على المواصلات، وانقطاع في الماء، والكهرباء.. و.. و…

وأهم هذه الأزمات، وأكثرها تأثيراً، هي أزمة الكهرباء التي لم ترحم الناس، لا في صيف حار، ولا في شتاء قارس، ولم تشفق على جيوبهم، لا عبر فاتورة بآلاف لوزارة الكهرباء، ولا في أسعار مختلف أدوات الإضاءة عند انقطاع التيار المستمر، فقد أنفق الشعب السوري في السنوات السبع الأخيرة، أكثر من 35 مليار ليرة على الشموع، والشواحن، والمولدات، واللدات، والبطاريات، سواء كانت للاستخدام المنزلي، أو التجاري من محلات، وشركات، ومصانع.

فمن دون أدنى شك، لا يخلو بيت في سورية، من وسائل إضاءة بديلة عن الكهرباء، فقد باتت ضرورة ملحة لا غنى عنها.

35 مليار أُنفقت بهدف الحصول على ما يشبه الكهرباء..، ما الذي كان من الممكن أن نفعل بها بدل ذلك، لو جرى توظيفها بالشكل الصحيح؟

كان من الممكن أن توفر على المعامل، بضعة ملايين بدلاً من شراء مولدات ضخمة، كانت ستوسع أعمالها، وتزيد من فرص العملُ.

كانت أتاحت فرصة للشركات، ببدء مشاريع جديدة تفتح أبواب فرص العمل لمئات الشباب، في كل مؤسسة، وربما مكّنت شاباً حالماً من إنشاء عمله الخاص، والبدء بمشروع صغير، يدر عليه أرباحاً جيدة.

كانت ستكفي لإنشاء مدارس في عدة قرى، وفتح مستوصف صحي في أكثر من حي، ولاستطعنا تطوير مئات المشافي، ومدّها بالمستلزمات الضرورية، لتساعد على إنعاش قلب عجوز منهك، وإنقاذ حياة طفل رضيع متعب؟ لأطعمنا بها ملايين الأفواه، وسددنا بها آلاف الاحتياجات، وكم كنا عبّدنا بها آلاف الطرق، ومددنا من خلالها عشرات الجسور.

لك أن تتخيل أخي المواطن، ما كنا سنستطيع فعله بتلك الأموال، وأن تطلق العنان لذهنك، وتفكر إلى أي مدى تضررنا، وكم خسرنا من أموال لم تستثمر، بسبب تداعيات الأزمة التي نمر بها، ليس على صعيد الكهرباء فقط، بل على كل الأصعدة التي استنزفت خيرات البلاد، فكم كانت ستثمر هذه الأموال في بناء الإنسان والأوطان، عوضاً عن إنفاقها على مستلزمات أساسية غابت بسبب الأزمة، والغزو الإرهابي لبلادنا.

 

العدد 1105 - 01/5/2024