الرقابة الغائبة عن الأسواق

مع نهاية كل شهر أعمل على إحصاء ما تحتاجه أسرتي من مستلزمات منزلية تكفي حاجتنا للشهر القادم، وأضع لائحة بأسماء المواد التي أريد، ومع بداية الشهر الجديد أرتاد الأسواق بحثاً عن الجودة الجيدة مع السعر الأفضل لي. وفي هذا الشهر واظبت على عادتي وذهبت أحضر حاجياتي، ولكن مع أمل توفير مبلغ إضافي من المال، أمل بعث في داخلي بعد صدور قرار تخفيض أسعار ٨ آلاف سلعة من مختلف المواد الاستهلاكية، ولكن لم يلبث ذاك الأمل الخجول أن ينطفئ ويخبو مع مروري على محل تلو الآخر فلم ألحظ أي اختلاف، فالأسعار كما هي لم تختلف ولم يكن لدي حل سوى أن أرضخ للأمر الواقع وأبتاع مستلزماتي بهدوء وصمت… وأن أعود إلى منزلي مضطربة مزعوجة غاضبة، فما الفائدة من إصدار قرار لا يجري الالتزام به!؟

هذا السؤال يضعنا أمام سؤال آخر لطالما طرحناه: لماذا تختفي الرقابة عندما نحتاج إليها!؟

نحن لا ننكر أهمية القرار الذي اتخذ، فهو يحمل في طياته الكثير من الفائدة للشعب السوري، من تخفيف حجم الأعباء المادية إلى المساعدة في تأمين مستلزمات الحياة المعيشية الدائمة والمستهلكة التي دأب المواطن على المطالبة بها، ولكن أين دور الرقابة وحرصها على تنفيذ القرار؟ هل تنتظر أن يصحو ضمير التجار والباعة المستفيدين على مر السنوات فجأة ويشفقوا على حال المواطن من أنفسهم ويسارعوا لتنفيذ القرار؟! إن كان هذا ما تتوقعه الرقابة فهي حتماً مخطئة، وهي كمن يأمل بهطول المطر في الصحراء.

ففي جولة بسيطة على بضعة محلات بمناطق مختلفة، والتركيز على أهم المنتجات المستهلكة بكثرة نجد أن سعرها مازال ثابتاً بل يزداد في المحلات المتطرفة والمتفردة في المنطقة السكنية الخالية من المنافسين، فيعمل البائع فيها على زيادة ٥٠- ١٠٠ ليرة على كل سلعة، وعلى وجه الخصوص المواد الغذائية مثل  الأرز، فسعر الكيلو اختلف بين ٥٠٠ -٥٥٠ ليرة، والزيت النباتي من ٦٥٠-٧٥٠ ليرة- لليتر،  وزيت الزيتون ٢٠٠٠-٢٢٠٠ ليرة للكيلو،  وهذه المواد تعد من أكثر المواد الغذائية المستهلكة و كل يزيد نسبة ربحه حسب طمعه. أما بالنسبة لمواد التنظيف التي كانت ضمن لائحة المواد التي خفض سعرها أيضاً فحافظت على ثمنها في أغلب المحال، فمثلاً مسحوق الغسيل انخفض بنسبة بسيطة جداً من ١٢٠٠ إلى ١١٦٠ بفرق ٤٠ليرة فقط، أما ملمع الزجاج و المعطرات وسائل الجلي فلم تتغير أسعارها رغم أن أحد محلات بيع الجملة قال إنه خفض سعر مادة سائل الجلي، فقد كان سعر أحد الماركات التي تصنف نخب أول انخفض بالجملة من ٣٧٥ إلى٣٣٠ رغم ذلك ماتزال تباع عبوة ٩٠٠ مل في المحلات المتفرقة بـ٤٥٠ والكثير الكثير من المواد الأخرى التي تماثل حالتها هذه الحالة، ولكن الباعة تتذرع بسعر الصرف وبأن  مركز الجملة يبيعها لهم بسعر غالٍ لهذا يضطرون  أن يرفعوا السعر!

فمن المسؤول إذاً عن عدم تطبيق القرار الذي صدر بتخفيض أسعار المواد الاستهلاكية؟ هل هو سعر الصرف أم بائع الجملة أم بائع المفرق أم موظفو التموين والرقابة؟ كلهم معاً مسؤولون، فلا تاجر يرحم ولا بائع يأبه، ولكن المسؤولية الأكبر تقع على عاتق الرقابة والتموين التي لم تمارس دورها بعد في فرض تطبيق القرار ومتابعة تنفيذه وفرض عقوبات بحق المخالفين. فالمواطن يسأل: هل ستكمل وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك طريقها نحو الاتجاه الصحيح؟ أم أنها ستضيع وجهتها بترك الأسواق بلا رقابة تضبط الأسواق، والتجار والمنتجين، وتحمي المواطنين من الجشع والطمع؟!

ما فائدة أهم القرارات إذا كان التنفيذ في مهبّ الريح؟!

العدد 1107 - 22/5/2024