صوت الطلاب يفضح الفساد

 الحياة الجامعية تعتبر الحلم الأول للشباب والشابات، لما لها من أثر كبير في حياتهم المستقبلية، ولكنها ليست سوى بضعة أشهر حتى تتحول الحياة الجامعية للطلاب من تجربة لطالما تمنوا أن يخوضوها، إلى مشكلة يتطلعون إلى الانتهاء منها، لما يتكشف لهم فيها من منغصات وعقبات تعكر صفاء نجاحهم وتخرجهم فيما بعد.

إهمال غير مبرر

وأبرز هذه الصعوبات تتمثل بنتائج الامتحانات التي يأمل الطالب أن تكون جيدة جداً، والتي يصدم عند صدورها بعكس ذلك، ومنها ما يعود لأخطاء عند نقل النتيجة من ورقة الامتحان إلى السجلات، ومنها ما يخضع للدكتور المحاضر المسؤول عن المادة.

تتمثل المشكلة في الحالة الأولى بأن ينقل الرقم معكوساً!

 تقول إحدى الطالبات (إنها صدمت برسوبها في أحد المقررات وإن النتيجة التي حصلت عليها 37/100) وأضافت (إنها كانت متأكدة من نجاحها بعلامة جيدة، وعند مراجعة قسم شؤون الطلاب تبين أن علامتها الأصلية 73/100).

بينما ذكرت صديقتها أن هذه الأخطاء ازدادت في الأعوام الماضية، إلى جانب ظهور مشكلة ثانية، ففي الأحوال العادية يكتب إلى جانب العلامة كلمة نجاح أو رسوب، ولكن لوحظت بعض الحالات التي يكون الطالب فيها قد حصل على علامة 80/100 مثلاً ولكن يكتب إلى جانبها رسوب، أو العكس، لهذا يجدر بالطالب أن ينتبه جيداً لكي لا يتعرض لمثل هذا الحالة وأن يعمل على تصحيح الخطأ  سريعاً، لأنه سيعتبر راسباً رغم نجاحه فيها، ولربما يتوقف تخرجه بسببها ولن يكون أمامه حل سوى تقديم امتحان هذه المادة من جديد، أو البحث عن (واسطة) تساعده على حل المشكلة. فحسب تعبير الطالبة لا يوجد فائدة من تقديم اعتراض على نتيجة المادة، فهذا الطلب سيواجه الإهمال أو أن العملية ستقتصر على إعادة جمع العلامات، فالموظفون في شؤون الطلاب يعاملون المراجعين بفظاظة ولا يأبهون لمشاكلهم، ولا يوجد فرق بالنسبة لهم إن كان الطالب ناجحاً أم راسباً.

ضمير غائب

ولكن بالنسبة للطلاب هذه الأمور تهون مقارنةً بطمع دكتور المادة أو (مزاجيته)! يقول أحد طلاب الترجمة بالتعليم المفتوح إنهم يواجهون مشكلة كبيرة في الكلية ورغم جميع الشكاوي إلا أنهم لم يصلوا إلى نتيجة، مشيراً إلى وجود دكتور معروف بطمعه و بأنه يتعمد ترسيب الطلاب إلا من يدفع له (رشوة) 50 أو 100 دولار، ويتفق مع الطالب على وضع إشارة يميز بها ورقة إجابته ( رسم صغير – تاريخ ميلاد – الحروف الأولى من الاسم …) ليعطيه علامة تليق بالمبلغ المدفوع مسبقاً، أو على الطالب المجتهد أن يتحمل عبء تقديم المادة عدة مرات عسى أن يكون من الطلاب الذين يحالفهم الحظ وتصحح ورقتهم بضمير ويأخذون العلامة التي يستحقون.

أما العقبة الثانية التي يواجهها الطلاب فهي (الدكتور المزاجي ) والذي تظهر ممارساته في المواد التي تحتوي على قسم عملي، ويعود تقييم حلقة البحث فيها له وحده، ولا تستثنى الجامعات الخاصة من مثل هذه المشكلات؛ فقد ذكر لنا طالب يدرس في جامعة خاصة أن دكتور المادة صرح لهم بشكل مباشر أنه من المستحيل أن يمنح أي طالب درجة كاملة في القسم النظري أو العملي، وذلك لقناعته الخاصة بعدم وجود من يستحقها وأنه لا يمكن تقديم حلقة بحث خالية من الأخطاء 100%، وأضاف الطالب إنه نشر على صفحته الخاصة على الفيسبوك منشوراً يعبر عن حزنه عند رسوبه في إحدى المواد بفارق علامتين، مع ذكر اسم المقرر، مما أثار انزعاج دكتور المادة ودفعه إلى الرد بتعليق على المنشور (بأن يحلم بالنجاح)! وتابع الطالب قائلاً بأنه حاول تقديم الامتحان لأكثر من مرة ولكنه لم ينجح فيه إلا بعد أن سافر الدكتور وأحيل المقرر إلى محاضر آخر.

حقوق ضائعة

إن أحاديث الفساد والرشا في الجامعات منتشرة بكثرة، وبمجرد دخولك إلى الحرم الجامعي تستمع لمشكلات لا تنتهي وتصدم بكمّ الفضائح والأخبار المسربة عن بيع الأسئلة أو النجاح في المادة من دون الخضوع للامتحان، وغيرها كثير من الطرق التي يُغَضّ الطرف عنها والتي تمارس في الخفاء، وبسببها تحرم شريحة كبيرة من الطلاب من حقهم في النجاح بجهدهم وتعبهم، وبالحصول على الدرجة التي يستحقون من غير أن تتحكم بهم نسب نجاح، أو إهمال دكتور لا يصحح جميع الأوراق لكيلا يرهق نفسه، أو لضيق وقته أو لأطماع تتحكم بنزاهته.

فالطالب له كل الحق في تقديم شكوى تجاه أي كان، ومن واجب إدارة الجامعة متابعتها ودراستها، كما من حقه عندما يقدم طلب اعتراض أن يؤخذ طلبه على محمل الجد، لا أن يرمى بين الطلبات الأخرى اليائسة، وأن يسمح له برؤية ورقته لمعرفة إن كان رسوبه أو عدم حصوله على العلامة التي ابتغاها بسبب أخطائه، أم لغياب ضمير الدكتور عند المرور بورقته، فمن الذي قال إن الدكتور الجامعي دائماً على صواب، وأنه منزّه عن الخطأ، وأن الطلاب وحدهم من يتحملون المسؤولية عن رسوبهم أو نجاحهم؟ ومن الذي أكد أن جميع الطلاب ينالون ما يستحقون من درجات؟ وأن الدكتور بعيد كل البعد عن ظلم الطلاب؟ لماذا لا ننظر إلى الطالب على أنه العنصر الضعيف والذي يهمل صوته عندما يعترض؟ ألا يجدر بنا الاهتمام أكثر بالطلاب الجامعيين ومتابعة طلباتهم للحيلولة دون انتشار الظلم والفساد على حساب العدل والمساواة؟!

العدد 1105 - 01/5/2024