شياطين الموت.. قذائف الهاون العشوائية

 ومتى كان للموت شياطين؟! الموت له ملاك رحيم يهبط على روح الانسان فينتزعها ويحملها الى السماء، ولكن هنا في سورية ولكثرة المستعمرين والذئاب والقتلة والدواعش صار الموت يأتي على شكل شيطان كريه الهيئة جهنمي النوايا يحرق وينثر رماد ضحاياه في سماء دمشق الطاهرة.

قذائف الهاون العشوائية تلك يرسلها من اختلطت أفعالهم بسوء نواياهم، فكانت خلطة تشبه خلطة أمريكا في ادعاء الحرية من جهة وفي تصدير الدواعش والقتلة من كل أصقاع العالم، ودعمهم لوجستياً ومادياً ومعنوياً من جهة ثانية.

قذائف الهاون، بيد ابن البلد، القادمة من الغوطة الشرقية هي أشد مرارةً وحرقاً ورماداً من سكين استلها داعشي غريب فذبح بها بريئاً سورياً. (وظلم ذوي القربى أشد مضاضة.. على المرء من وقع الحسام المهند).

ينام سكان دمشق لا على ظلهم ولا على أحلامهم السماوية ولا على ذكرياتهم المنسية، بل ينامون على خوف وترقب وهلع وجزع وسؤال يؤرقهم: هل ستصيبني غدا قذيفة شيطانية؟ هل سأموت غدا؟ لماذا لا أنهض وأنام بجانب اولادي وأشبع من أنفاسهم قبل أن تخمد أنفاسي بقذيفة اختارت جسدي معبراً للحرية بأيادي المحررين الجدد في هذا العالم.. حرية الدم والموت والقذائف العبثية.

الأسبوع الذي مضى كان كارثياً على سكان دمشق الذين يتلقون القذائف يميناً وشمالاً. فنهار الثلاثاء كان حصيلته خمسة شهداء بينهم طفلان، وخمسة وعشرين جريحاً بسقوط أكثر من خمس وعشرين قذيفة صاروخية مصدرها الغوطة الشرقية. وقد أكد مصدر طبي في قيادة شرطة دمشق إصابة باص للنقل الداخلي في ساحة باب توما، مما أدى إلى استشهاد ثلاثة أشخاص وجرح ثمانية آخرين. كما أفاد المصدر إصابة 12 شخصاً إثر سقوط قذاف هاون على أحياء المزة القديمة والشيخ سعد وحيي المالكي وركن الدين.

وكل ذلك حصيلة يوم واحد.. أما السؤال الأهم من قبل الدمشقيين الذين تحرق أجسادهم شظايا القذائف الحاقدة فهو: جيش حرر دير الزور وحلب قبلها والبو كمال، واليوم هو يسطر أروع الملاحم في إدلب وريف حماة، هل يصعب عليه تحرير منطقة حيوية مثل الغوطة الشرقية مصدر القذائف والموت؟! أليس الأجدى تخليص المدنيين الأبرياء من المسلسل اليومي للقذائف المتفجرة؟

لماذا لم تحسم الغوطة الشرقية؟!

وفي تقصٍّ للحقائق واستسقاء المبررات من مصادر أكثر معرفة بالشؤون العسكرية كان هنالك أسباب منطقية ومبررات معقولة، أهمها أن هنالك جبهات أكثر أولوية للجيش خلال السنوات التي مضت، فمشروع داعش العابر من الحدود كان أخطرها وما كان يجب التأجيل فيه.

لم تحسم أيضاً الغوطة الشرقية لأن 350 ألف مدني يعيشون بين المسلحين وكلما اشتد القصف الجوي تبدأ الضغوط الدولية بذريعة قصف المدنيين.

لم تحسم الغوطة الشرقية: لأن أنفاقاً حفرت على كامل مساحة الغوطة بيد المخطوفين الذين أجبرهم المسلحون على حفر تلك الأنفاق تشكل تحصينات منيعة للمسلحين ولا تتأثر بالقصف الجوي.

عامل آخر لتأخر الحسم هو أن الغوطة الشرقية تحتاج إلى ما لا يقل عن عشرة آلاف مقاتل وأكثر لخوض معارك في مناطق تتداخل فيها الأبنية السكنية والبساتين بمساحة 250كم مربع أو أكثر لمواجهة 25 ألف مسلح من جيش الاسلام وفيلق الرحمن والنصرة وأحرار الشام.

الغوطة الشرقية التي كانت قبلة الدمشقيين ومثار فخرهم وعزهم ببطولات أبنائها ضد المستعمر الفرنسي هي اليوم بأياد حاقدة تزرع الموت في كل أرجاء العاصمة. الغوطة الشرقية التي كانت أهم متنفس للدمشقيين وخاصة أيام الربيع والصيف لما تفجره أرضها الطيبة من زهر مشمش ودراق خوخ هي اليوم أرض لتثبيت مدافع الهاون لقذفها على أبرياء الشام وأطفالها ولتتفجر في أجسادهم في محرقة لم يسبقهم بها أحد في التاريخ.

الجيش العقائدي الذي حرر سورية ومازال يستكمل عملية التحرير لن يترك أبناءه والمؤمنين برسالته الوطنية في مهب قذائف الهاون. لقد اقترب النصر وقريباً جداً ستحرر الغوطة من الارهابيين وستعود لها الحياة كما عادت قبلها حلب ودير الزور والبو كمال. ولنا موعد مع أزاهير الغوطة في السيران الربيعي  المعتاد لأبناء دمشق.

العدد 1105 - 01/5/2024