بيانات وزارية.. لمن؟

بيانات وزارية.. لمن؟!
#العدد822 #جريدة_النور

في كل مرة يجري تشكيل حكومة، تصدر بياناً لها يتضمن اتجاه عملها واستراتيجيتها المقبلة، ولكن، إذا عدنا إلى البيانات الحكومية التي كان يجري اعتمادها عقب كل تشكيل حكومي جديد، كما أشرنا، سنجد ودون عناء كبير أن الحكومات السورية عموماً تناوبت على استعارة عناوين بياناتها (تحسين الوضع المعيشي للسوريين ومكافحة الفساد، والإصلاح الإداري) وبقيت هذه العناوين مجرد شعارات لم ينفذ منها إلا النزر اليسر، أما حكومات ما بعد الأزمة فقد أضافت إلى ما سبق من عناوين على بياناتها: (مكافحة الإرهاب وإعادة الأمن والأمان إلى البلاد).
فهل استطاعت (حكومات الأزمة) عموماً، والحكومة الحالية بشكل خاص نيل ثقة المواطن السوري؟ وهل كانت على مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقها؟
إن الإجابة عن هذه الأسئلة ليست صعبة، والدليل على ذلك، هو حديث الناس وتندّرهم على تصريحات هذا المسؤول في الحكومة أو غيره.
لم يعد أحد يعير انتباهاً لكل ما تقدمه الحكومة، وهم يرون فيها وفي الحكومات التي سبقتها على أنها حكومات للأغنياء، جلبت للمجتمع السوري طبقة جيدة منهم، ولم تقدم شيئاً لمحدودي الدخل ولا لمتوسطيه، فازدادت الفجوة بين الأغنياء والفقراء في البلد، حتى أن هناك فئات باتت تحت خط الفقر.
إن حكومات الأزمة التي ركزت في بياناتها المتعاقبة على منطلقين أساسيين كما قلنا، وهما تحسين مستوى معيشة المواطنين السوريين ومكافحة الفساد، لم تذكر للمواطنين لماذا لم يتم تحقيق نتائج جيدة وواضحة في هذه الرؤى، ولماذا لم تقم هذه الحكومات بمعالجة هذه الرؤى أو ما هي الأسباب التي أعاقت عملها.
إن المواطن السوري بات يعي أسباب تفاقم إخفاقات هذه الحكومات المتعاقبة، وخصوصاً ما يتعلق بموضوع الفساد، بعد أن أصبح الأمر معروضاً عليه من قبل وسائل التواصل الاجتماعي، ولم تعد ترضيه الحجج التي لا تزال تُقدّم إلى الآن، بأن البلد في حالة حرب، بعد أن بات المواطن يشاهد بعينيه الأموال الطائلة التي باتت بحوزة أفراد معينين دون سواهم، فيقول: ما دامت النقود موجودة، فلماذا يعيش البعض ميسوري الحال ويقبع الكثيرون تحت خط الفقر؟!
ومن هنا نعلم كيف ظهر مصطلح (دواعش الداخل) الذي يدل على مدى الخوف الذي يعيشه المواطن من هؤلاء الأفراد الذين يهددون لقمة عيشه واستقراره.
إن الحكومات المتعاقبة لم تقدم مع الأسف المبرر المنطقي للمواطنين، ولماذا هي غير قادرة على مكافحة الفساد، أو لماذا لم تنجح في تحسين المستوى المعيشي، مما يعزز الشرخ القائم بين الحكومة والمواطنين.
إن استعادة الثقة، تتطلب إجراءات محددة لابد منها، ولعل أبرزها: التزام الحكومة بتعهداتها ووعودها، واعتماد أسلوب إعلامي صحيح للتوضيح والاعتذار عما لا تستطيع تنفيذه، والتحدث إلى الناس بشفافية، وصنع وصياغات سياسات عامة حكومية قابلة للتحقيق ولها علاقة برؤية شاملة، وذات إطار زمني محدد.
إن ما يجعل ثقة المواطن في الحكومة في مهب الريح، هو أنه يرى بأم عينيه كيف ينبت بين عشية وضحاها (فطور) من المتسلقين والفاسدين الذين يبدو أن مقولة الحكومة الذهبية (نحن في حالة حرب) لا تنطبق عليهم ولا تشملهم، ليزدادوا ثراءً ونفوذاً وتغولاً أمام ناظري الحكومة، أو عبر تواطئها وصمتها وقلة حيلتها، وكل ذلك على حساب الملايين من هذا الشعب الصامد.

العدد 1105 - 01/5/2024