شبابنا ليس ساذجاً.. تحدثوا …

شبابنا ليس ساذجاً.. تحدثوا لغة الواقع
#العدد823 #بقلم_سامر_منصور #جريدة_النور

عند انحسار العدالة الاجتماعية وتنامي الطبقية وخلق فجوة بين النص القانوني والواقع، كل هذا أدى إلى استنزاف طاقاتنا الفكرية والإبداعية خاصة لدى الأجيال الصاعدة. وإذا أردنا أن نعرف هل استعادت هذه الأجيال دورها، فهذا لايكون عبر مقالٍ هنا أو هناك، بل يكون عبر منجزات على أرض الواقع وحضور لهم في المحافل العلمية والثقافية والإعلامية والسياسية والحرفية… الخ. ومجرد وجودهم والسماح لهم بتفعيل رؤاهم يؤدي إلى انحسار البيروقراطية والتّكلّس الذي يكتنف مؤسسات الدولة. وقد وجّه السيد الرئيس الدكتور بشار الأسد بتفعيل دور الشباب وضرورة ضخ الدماء الجديدة في مؤسسات الدولة. واليوم نجد وزراء شباباً مثلاً.
ونجد اليوم كثيرين من فئة الشباب من الخريجين الجامعيين أو سائر المتعلمين أو الحرفيين في صفوف الخدمة الإلزامية، وكثيرون منهم يشكون أنه قد تقادم عليه الزمن دون أن يُتاح له تطبيق أو ممارسة ماتعلمه، وأنه يشعر بغربة ومسافة باتت تفصله عن مهاراته، عدا أن منهم من يخشى أن يتعرّض للاستغلال من قبل تجار الأزمة والعفيشة والفاسدين الكبار وغيرهم الذين استثمروا سنوات الحرب لتحقيق ثروة، والذين إن لم تقم الدولة بمصادرة أموالهم وممتلكاتهم بعد محاسبتهم ومساءلتهم، فهم من سيستحوذ على النزر اليسير من المشروعات والأشغال. وليس أسوأ للبروليتاريا من أن تكون تحت رحمة أرباب عمل من هؤلاء. لذلك يفكر العديد من شبابنا المتعلم بالسفر خشية الوضع الاقتصادي المتردي والانحدار الأخلاقي والاجتماعي. وعندما يقدّم الشباب أغلى مالديه ويترك أهله وحياته، ثم يجد العديد منهم أن الحكومات المتعاقبة كأنها (تطنش) ظواهر خطيرة حدّ أن بعض الفاسدين فعلاً يليق بهم مُسمى (داعش الداخل) يتسلطون على الشباب الأميين البسطاء حتى وهم في ذروة عطائهم المقدس ويحققون منهم مكاسب شخصية، وتتنوع أساليب الإكراه لدى بعض المسيئين الموجودين في كل مكان من هذا العالم الذي تضعف فيه الرقابة الواعية المدركة، تتنوع وصولاًإلى التهديد بالتخوين والتقارير الكيدية.
إن عدم محاربة الفساد هو تطفيش لطاقات المجتمع وأولها الشباب الذي يتسم بالحماسة والحيوية، وبالتالي لاتناسبه خيبات الأمل المتكررة وعم تقدير إمكاناته وتضحياته في واقع عَلَقي فاسد يفتقر إلى العدالة الاجتماعية بمفهومها العميق والساطع، ويستفز الإعلام الرسمي شبابنا عبر إظهارهم في كثير من الأحيان، من حيث يشعر معدّو البرامج ومن حيث لايشعرون، كرومانسيين ساذجين أو كمراهقين سطحيين، وجزء من حالة كورالية وتجسيد لببغائية غير مدركة للواقع ولكُنه مايجري من اعتراشٍ للبلاب الفساد العديد من مفاصل الواقع، ومدى خطورة هذا الاعتراش على المستقبل. فالخط البياني واضح والقاع يلوح في الأفق وفق مانرى ومانعيش في واقعنا الاجتماعي بكل مناحيه، عدا المنحى الأمني الذي تحققت فيه إنجازات عظيمة بفضل دماء وجهود شبابنا الباسل.
نحن اليوم بأمسّ الحاجة إلى قفزة نوعية عبر الضرب بيد من حديد على الفاسدين المُفسدين، فذلك هو الخيار الوحيد لمنح الشباب أملاً يغذي عطاءهم ويصون انتماءهم الوطني كالذي نجده عند بعض الشباب في الفرق التطوعية والمؤسسات الكبرى كالأمانة العامة السورية للتنمية، تعي تماماً أهمية صقل مهارات الشباب وتمكينهم في المجتمع كرافعة وقوة نهوض تقدمية لايجوز التفريط بها أو عدم استثمارها في هذه المرحلة.

العدد 1105 - 01/5/2024