صيف سوري حار

ما يزال التحالف (الإقليمي والدولي) يضيف ألواناً جديدة إلى خريطة سورية.. وما يزال الرباعي والخماسي بقيادة الولايات المتحدة يرسم على الورق، ويقسم المناطق ويحشد المسلّحين بالآلاف في جنوب سورية.. وارتفعت في الأيام الماضية أصوات السادة والعبيد لإيجاد منطقة عازلة في القنيطرة وحوران، وانعكست مطالبة أوباما بإيجاد المنطقة العازلة على موقفي الحزبين الأمريكيين الديمقراطي والجمهوري. وما تزال المخططات ترسم وتطبع وتُدرّس وتصدر من غرفة عمليات (موك)، وجرى تنفيذ الهجوم بأكثر من عشرة آلاف مسلّح على اللواء 52 في درعا ومطار الثعلة العسكري غربي السويداء، الذي تعرَّض لست هجمات بأسلحة شحنت من الأردن.

تزداد حرارة الصيف وترتفع حرارة المدافع والقذائف والصواريخ.. ويزداد الجيش السوري بسالة وتضحية وفداء، خاصة بعد الدعم الشعبي السند والحليف له في السويداء والحسكة ودير الزور وغيرها.

ويخرج أوباما كل يوم بتصريح مغاير للآخر، ويعترف (أن أمريكا تفتقر إلى استراتيجية كاملة للتعامل مع تنظيم الدولة الإسلامية).فالتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لم يحقق الأهداف التي وجد من أجلها بالقضاء على (داعش). وفي المقابل لم يحقق التحالف الخليجي أهدافه في تدمير اليمن وجرف البنية التحتية وإزالتها وقتل الأطفال والنساء واليمينيين عموماً. فالشعب اليمني يقف في معظمه ضد التدخل في شؤونه الداخلية.

ويرى خبراء البنتاغون أن تدريب ما يسمى بـ(المعارضة المعتدلة) وتسليحهم، وتجهيز خمسة آلاف مسلّح سنوياً لم تحقق منذ البداية الآمال المرسومة لها، واعترفوا أنه لم يلتحق إلاّ مئات المسلحين بمعسكرات تركيا. وأصبح أردوغان بعد الجولة الانتخابية الأخيرة بحاجة إلى من يمسح وجهه بمنديل الأمل ويرش عليه الماء، فربما يصحو من رومنسيته وأحلامه ونرجسيته، خاصة بعد أن أصبحت (داعش)، التي ساهم في تصنيعها وتحضيرها لإسقاط الدولة السورية، تهدّد حدوده الجنوبية.

تشير التطورات السياسية والميدانية إلى أن متغيرات جديدة ستظهر في هذا الصيف، التي من أبرزها الاتفاق النووي الإيراني الذي يعتبر إنجازاً كبيراً على المستويين الإقليمي والدولي، ويضاف إلى هذا الإنجاز التاريخي تحرير القلمون من المسلحين التكفيريين، والتغيرات السياسية في تركيا المناهضة في مقدماتها ونتائجها لسياسة (العدالة والتنمية)، وهي تميل صالح الحل السياسي للأزمة السورية. ويجري العمل كما يبدو باستراتيجية متطورة أو (محدّثة) في سورية من خلال غرفة عمليات أوسع وأكثر تنظيماً بين قيادات سورية وإيرانية ومن المقاومة اللبنانية بالتزامن مع رفع مستوى الدعم العسكري الروسي للجيش السوري (جريدة الأخبار اللبنانية 15/ 6 /2015) .

لقد خاب أمل من كان يراهن على نتائج لقاء وفود المعارضة في القاهرة في 8 و 9 حزيران.. وقد ضيَّع هؤلاء الكثير من الوقت وهم يتصايحون ويتعاركون بالكلام والبيانات والتصريحات، وقد هدَّأتهم المسكنات المصرية، فأصدروا خارطة طريق سياسية تعتبر وثيقة مرجعية – حسب رأيهم – لرؤية الحل السياسي، وميثاقاً وطنياً سورياً وإعادة تأكيد النقاط العشر التي تبنّاها الاجتماع التأسيسي السابق في كانون الثاني بالقاهرة. ومن قراءة هذه الوثائق تبرز الخلافات بينهم والرؤى المتباينة وأن هذه الوثائق جمعت كل الآراء لإرضاء الجميع، علماً أن بعضهم هدد بالانسحاب من الاجتماع إذا لم ينل الموافقة على رأيه ..!

يظلّ الحل السياسي للأزمة السورية هو الضوء الذي ينير طريق الأزمة، ويُخرج سورية منتصرة على الفكر الظلامي وعلى الإرهابيين. وتظل مبادئ موسكو التي صدرت في نيسان الماضي أساس لقاء موسكو3 صالحة، وتشكل وثيقة للبدء بالحوار بين المعارضة الوطنية والحكومة السورية في جنيف، والتي من أبرز بنودها: (الحفاظ على سيادة الجمهورية العربية السورية، ومكافحة الإرهاب، وتسوية الأزمة بالوسائل السلمية، ورفض أي تدخل خارجي، والحفاظ على الجيش والقوات المسلحة رمزاً للوحدة الوطنية، وغيرها..).

العدد 1104 - 24/4/2024