أهمية المؤتمرات في حياة الحزب الشيوعي السوري الموحد

منذ أيام أنجز حزبنا مؤتمره الثاني عشر بنجاح.. طيلة يومين دافئين بالمناقشات والحوارات حتى صباح اليوم الثالث، في القاعات وفي لقاءات المندوبين القادمين من معظم منظمات الحزب، ذلك أن عدداً من المندوبين في بعض المنظمات لم تسمح لهم الظروف الأمنية بالحضور والمشاركة في أعمال المؤتمر، وفي المناقشات وتقديم المداخلات والاقتراحات التي تغني التقارير السياسية والاقتصادية والتنظيمية.

لقد شكل المؤتمر الثالث للحزب الشيوعي عام 1969 محطة انطلاق جديدة، والاعتراف بالتقصير، ووجه الحزب انتقاداً ذاتياً صائباً، وعمل بجد وإصرار على عقد المؤتمرات في مواعيدها، فالمؤتمرات تشكل عصب الحزب ومحطة مراجعة سياسته ومواقفه بما فيها من إيجابيات ونواقص وسلبيات.. وهكذا.. خلال أربعة عقود ونيّف أنجز الحزب ثمانية مؤتمرات (4- 5 – 6 – 7 – 8 – 9 – 10 – 11 – 12) في مواعيدها. إن عقدين ونصف العقد بين (المؤتمر الثاني بداية عام 1944 والمؤتمر الثالث عام 1969) كان زمناً طويلاً بالنسبة لحزب شيوعي تأسس عشية الثورة السورية الكبرى.. وكان له دور متقدم في النضال الوطني التحرري وفي النضال الاجتماعي، ومن أجل الدفاع عن قضايا الكادحين من عمال وفلاحين متوسطين وفقراء وصغار الكسبة والمثقفين ومطالبهم، والعمل على تحقيقها. ولم يكن الحزب معزولاً، بل أقام تحالفات مع القوى السياسية والوطنية والقومية والتقدمية والنقابية المختلفة في مرحلة النضال التحرري ضد الاستعمار قبل الاستقلال وبعده.. واستمر التحالف بأشكال مختلفة. ورفع الحزب في جميع المؤتمرات شعار وحدة الشيوعيين السوريين، وتشكيل جبهة واسعة من القوى اليسارية في هذه المرحلة الدقيقة التي تمرّ بها سورية، وتعزيز الجبهة الوطنية التقدمية وترسيخ هذا التحالف وتفعيله بما يعزز الوحدة الوطنية، ومن أجل توسيع الديمقراطية أكثر في حياة البلاد، لمواجهة الظلاميين والجماعات المسلحة التكفيرية وبناء سورية العلمانية الديمقراطية.

في ظلّ الحرب الكونية المتفاقمة التي تشهدها سورية خاصة وأقطار عربية أخرى، جرى التحضير لعقد المؤتمر بدءاً من مؤتمرات المنظمات وصولاً إلى عقد المؤتمر الـ،12 الذي توّج بانتخاب هيئات الحزب القيادية (اللجنة المركزية ورئيسها والأمين العام للحزب والمكتب السياسي ولجنة المراقبة الحزبية).

لقد أكدت التقارير السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنظيمية وعمل الحزب ونشاطه بين مؤتمرين، ومناقشتها والاستنتاجات التي قدّمها، أن أمامه مهام كبيرة للمرحلة القادمة في جميع المجالات. وأن المؤتمر الذي أكد موقف الحزب في السنوات الأربع الماضية مطالب أكثر بمضاعفة جهود جميع أعضائه وأصدقائه لزيادة فاعليته إلى جانب القوى الوطنية في سورية، وذلك لمحاربة الفساد والفاسدين وكبح جماح حيتان المال ومن يستغل الأزمة لمصالحه الشخصية.. وتحسين أحوال الموطنين المعاشية ووضح حد لجنون الأسعار.. وحيا الحزب البطولات التي يسطّرها الجيش العربي السوري، والتضحيات التي قدّمها في المعارك اليومية ضد جحافل المسلحين التكفيريين.

إن مهام أخرى كثيرة تنتظر الحزب في المرحلة القادمة، من أبرزها رفد الحزب بالطاقات الشبابية والدماء الشابة، والاهتمام باتحاد الشباب الديمقراطي ورابطة النساء والأوساط العمالية والفلاحية والطلابية.. وتجديد الخطاب السياسي والثقافي بما يتناسب مع تطور العصر وثورة الاتصالات.. وإعادة النظر بالعلاقة مع طيف المثقفين وفتح حوارات معهم، وتنمية روح الاختلاف للوصول إلى التوافق، وتعزيز ثقة المثقفين بالحزب الذي كان له دور تاريخي عريق في علاقته مع الكتاب والأدباء والمثقفين منذ تأسيسه منتصف القرن العشرين.

إن الحزب الذي أنجز المؤتمر الثاني عشر بنجاح في هذه الظروف الصعبة، قادر أن يتابع الطريق النضالي من أجل سيادة سورية وضد التدخل الخارجي ومع مصالح الوطن والمواطنين.. ومن أجل سورية عزيزة حرة سيدة.. دولة علمانية ديمقراطية مدنية مزدهرة.

العدد 1104 - 24/4/2024