خطوة هامة.. هل تتحقق؟

 في مقابلة تلفزيونية جرت مع السيد وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك منذ عدة أيام، صرح الوزير أن وزارته بصدد القيام بخطوة كبيرة هدفها إنقاذ المستهلكين من مصيدة كبار التجار، وإلغاء أو تقصير الحلقات الوسيطة إلى درجة التفاؤل الكبير بأن الدولة ستتولى توزيع المواد المستوردة أو المنتجة محلياً وبيعها إلى تجار المفرق الذين لا ذنب لهم- أو لبعضهم على الأقل- في موجة الارتفاع الجنوني في الأسعار.

إن هذه الخطوة الجريئة، إن تحققت فعلاً، فسوف يتبعها عودة الدولة إلى التحكم بالتجارة الخارجية، وإحياء مؤسسات التجارة الخارجية، التي كُتمت أنفاسها، وتحولت إلى مؤسسات موجودة في السوق بشكل رمزي لكي لا يقال إنها ألغيت تماماً.

وهي تعني أيضاً أن دور الدولة في تجارة الجملة قد تعزز أيضاً، الأمر الذي يعني أن الحلقة الأولى من حلقات التوزيع وهي تجارة الجملة قد ضُبطت وأُدرجت ضمن السياق العام لآلية الدولة وخططها وتوجهاتها، إذ لا يمكن أن تكون حلقة التوزيع الأولى ممسوكة بيد كبار التجار ونلقي بالمسؤولية في ارتفاع الأسعار على عاتق تجار المفرق.

إن الشعار الذي أطلقه وزير التجارة الداخلية، وهو ربط المنتج والمستورد بالمستهلك مباشرة، هو أمل طالما طالبنا بتحقيقه منذ سنوات، ذلك أن تنفيذه سيوفّر عشرات المليارات، لصالح خزينة الدولة، والمواطنين المستهلكين، على حساب الأرباح الطفيلية الهائلة التي يحصل عليها فئة محدودة من تجار الجملة، وخاصة تجار سوق الهال الذين يتحكمون بتجارة الخضار والفواكه.

إننا نعلم مسبقاً أن كثيرين من الذين ستتأثر مصالحهم نتيجة إلغاء دور الوسيط الكبير في تجارة الجملة سوف يعملون لإفشال هذه الخطة، وقد يكون لهم امتداداتهم ضمن الجهاز الحكومي، ولكننا على ثقة أن المواطنين الذين سيستفيدون من إلغاء الأرباح الطفيلية أو تقليصها في تجارة الجملة، سيدافعون عن هذه الخطوة التي، إن طُبّقت بشكل صحيح فإنها ستخفف الضائقة الاقتصادية التي يعانيها ملايين السوريين.

العدد 1105 - 01/5/2024