لجنة المرأة والطفل والأسرة

لجنة المرأة والطفل والأسرة عنوان يعجّ بالإنسانية، وجملة تعبقُ بالمعاني مكتوبة بخط عريض في كل مواثيق برلمانات العالم وأسفارها، ويُخيّل للوهلة الأولى لمن يقرأ عنوان هذه النّوطة والسيمفونية الإنسانية أنه يمسي بأمان لا منتهٍ تحت سقف عالٍ من الرعاية والمتابعة والاهتمام، تدفعه الظروف وتمتنه جملة من تدابير الحيطة والتنبؤ بالمستقبل وللمستقبل، وأن هذه المنظومات واللجان ضرورة سوف تتصاعد بدورها وفعاليتها ثم تأثيرها وتتطور باستمرار وباطّراد مع الظروف التي ما تنفك تغيّراً وتعقيداً وصعوبةً.

 

عفّ الله عن أيام السّلم وطيّب ذكرها بما تغوّلت من حقوق ونهبت وقوّضت من مسؤوليات وواجبات تجاه هذه المكونات الاساسية والوحيدة المركونة في ظلمة العناوين، إذ أسهبت في تلقي التقصير الذي لا يمكن أن يكون مغتفراً لولا أن الحال بات أصعب وبات أكثر إلحاحاً وضرورة للعودة والمطالبة بالحقوق المدنية الأولى وبأبسط أشكالها من رعاية صحية حقّة وجدية بمنح الحقوق التعليمية والقانونية وبشكل أكثر شمولية وأعمق معالجة. فالأسرة التي تسكن دور الإيواء وشتات الثرى أكثر حاجة وأكثر قضاً لمضجع الضمير الإنساني من التي كانت تسكن منزلاً كيفما اتفق حاله يمنحها شيئاً من الأمان والاستقلالية، وإن الطّفل الذي كان يحصل على بضع حقّه التعليمي والترفيهي بات أكثر احتياجاً منها للمأوى والأمان، وزاد البطن، والحماية القانونية من الاستغلال والاعتداء اللا أخلاقي على براءة الأطفال وخصوصية الطفولة وحقوقها.

 

إذاً تعدى الموضوع منتديات وبرامج تعليمية، وخطوات رعاية صحية واهتمام قانوني خجولة ومتعثرة لتضرب الحاجة اليوم فأسها في جوهر وصلب العوز، للتركيز على ما هو بدهي وضروري ومستعجل، فالحرب فعلت فعلها وأكثرت، والصوت اليوم لهذه اللجان لا الصمت واجترار البرامج القديمة التي لا تتساوق والظروف ولا تؤتي ثمارها لأن لا واقع يرتقي لجمال السطور وجودة الحبر وبراعة التخطيط. فالمرأة في الحال التي تمخضت عنها الحرب بلامسكن بلا مأوى بلا حماية بلا رعاية بلا خصوصية نسائية ودون الواجب، والطفل ليس بأحسن حال في التّشرد والاستغلال البدني والنفسي دونما تعليم ورعاية وقيد قانوني يعطي ماله ويعده للقيام بما عليه على انه أمانة للمستقبل، كيف وقد فاق عدد المتضررين معنى السواد الأعظم للمجتمع، وقد اتسعت الهوة والفجوة الفاصلة بين من هم بائسون حقاً ومن هم مُحلِّقون بالترف ومتخمون بالثروات والرفاهية.

كل ما قُدِمَ وسيقدم، وطُرِحَ وما سيطرح سيظل قليل وغير وافٍ وغير كاف، فالحاجة تزداد والأسرة تتمزق والمرأة تفلّس من قيمتها وفي بعض الأحيان ينخر الخبز شرفها، وينخر طفولتها بأبخس الأثمان، والطفل بلا طفولة، مسروق الملامح ومُدَجّن القلب والعقل بشقاوة العيش الجدية! ونظرة عن كثب وجرأة في الطرح وإنسانية في القبول وإخلاص في التطبيق هو كل ما ينقصنا فهوى بنا إلى هذا النقص وهذا السقوط المدوّي الرهيب، وعلّنا سوف نبقى نأمل بالمستقبل ونأمل بالقلوب السليمة المجبولة بالإنسانية وحب الوطن.

 

العدد 1140 - 22/01/2025