وعد.. للشام
هناك خلعت معطفي ومشيت
كنت أعرف أنني لن أنال الدفء
ولن أشعر بالهناء
ألبستك يا شام حبّي معطفاً
وقطعت لك وعداً أن أرتديك
أخذت معي عطر الياسمين والجوري
وكسرت قنينة العطور الباريسية تحت أقدامي…
تعالوا نبحث..
بجيوب الوقت الممزقة..
عن حفنة هناء..
عن ذكريات لملمتنا..
وأخرى بعثرتنا...
تعالوا نبحث عن حبيبين
حفروا الوعد على جذع سنديان...
عن سهول كانت تضحك بشقائق النعمان..
عن وطن بعثره ابنائه...…
بعد أن رتبت حروفي...
وهدأت من الداخل نفسي...
بعد أن مرت السنون...
كابوساً يحرق الأيام...
هطل المطر....
فسقى كل شيء...
طال شعر الصبايا...
بعد أن قصصنه قرباناً للوطن...
كم أحسدك أيها المطر!
تتغلغل في…
توهّج أكثر!
أيّها المثقَل بأعباء الحياة
يا من أنستك الهمومُ طعمَ الفرح
يا من أخمدتَ بركان الجسد
والروح
كن واثقاً يا صديقي
أن روحك تتوهج لأحد يتعبّد الآن في محرابك
ويقدّم قرابينه لوصالك
منكَ يستمدّ طعم…
هي الحقيقة
لم تسقط بالرصاصة
لذلك لن تسقط بالرغيف!
ومن لن تخدعه زهور الربيع
فلن يخيفه عواء عواصف الشتاء!
وما لم يستطع أن يفعله أمراء النفط
لن يفعله غياب النفط!
حقيقة واحدة حاضرة منذ آلاف السنين
اسمها:…
ولأن الزهور تذبل مسرعة حين تقطف
ولأن الجدول يضحك كلما صادف زهرة
ولأن الحياة تهب لنا كل الفصول
أقسم بالسماء والأرض
وبجميع الأنبياء
إنه مهما كانت حلاوة الحياة
بعيدة عن جذوري
وعن مائي
وفصول حياتي،
فلا…
أتلهف لأعيش مشاعري المتناقضة
أضحك وأنا بحاجة إلى البكاء
وأبكي حين الفرح يكون..
أسلك الطرق المتشعبة
حين يكون الدرب مستقيماً
دعني أهرب حين العناق
وأرتمي بين ذراعيك عند الفراق
أنسى عندما يدق ناقوس الذكرى…
سمعت صوتك يناديني:
تعالي نشعل القمر
لأننا نحب لون الجمر
وبين ذراعيك، تهبط روحي
فيضيء نيزك في السماء
أنا...
أنا الدم المستباح لحرارة يديك
تلفّني فتبعث فيّ الجنون
فيفوح عطرك الليلي في سهري
أنت...…
لم أعد أخاف
سأرمي بروحي من الأعلى
لتتأرجح في جبّ الطمأنينة
حتى لو كان الأمر.. لثوانٍ!
سأجعل من الريح العتيّة
فرس أمانيَّ الجامحة
لم أعد أخاف الظلام
والخيانات
قد أنسى الظلم
لا أريد للعدل أن يستقيم…
في تلك اللحظة بالذات، عندما نظرت إلى النافذة وكانت الدمعة على شرفات عينيها، ونطقت، خنته مرتين.
شعرت أن الأرض زلزلت تحت أقدامي من شدة حزني عليها.
كيف أوصلها رجل إلى حافة الهاوية وكيف تجرأت على الانغماس بدرب شائك رغم ثواني المتعة…
نعم
للعمر مواسم
كالكتابة..
وللكتابة مواسم
فيها بيادر من حنين
وحنينها يبحث عن القمح
وأشواق تلملم بين كفيها المطر
وجدّي ما زال يصارع تراب الأرض
لينبت من جديد
ويورق ويزهر
على شكل سطور
تاريخ..…
هناك خلعت معطفي ومشيت
كنت أعرف أنني لن أنال الدفء
ولن أشعر بالهناء
ألبستك يا شام حبي معطفاً
وقطعت لك وعداً أن أرتديك
أخذت معي عطر الياسمين والجوري
وكسرت قنينة العطور الباريسية تحت أقدامي
لعطرك قداسة البخور…
احذروا الحنين!
فهو يعانق ريح الذكريات
وأنينه كصوت الناي
وبين كفَّيه لا قمح ولا حتى سراب
احذروا أن يعتريكم الشوق!
فتعانق أذرعكم الهواء
والريح تلتهب
وتدور مكانها
وتلتفّ كالمجنونة حول نفسها
لا شيء…