(كذبة نيسان) أم (آكيتو)؟!

فادي إلياس نصار:

الأول من نيسان هو عيد رأس السنة السورية، وليس (كذبة نيسان)، إذ يعدّ التقويم السوري أقدم تقويم لا يزال يُحتفل به، ويصادف اليوم بداية سنة 6774 للتقويم الزراعي القديم، فقد كانت السنة السورية القديمة تبدأ في الأول من نيسان (نيسانو، في اللغة الكنعانية والآرامية).

وجاءت أقرب إشارة إلى هذا العيد في منتصف الألفية الثالثة قبل الميلاد في مدينة (أور).

ويقول باحثون في التاريخ إن عيد (الأكيتو) هو عيد رأس السنة الآشورية والبابلية. كما احتفل بهذا العيد الأكاديون والكلدانيون.

 

الطقوس

تستمرّ الاحتفالات على امتداد اثني عشر يوماً.

خصّص البابليون الأيام الأربعة الأولى من الاحتفالات لممارسة الطقوس الدينية. واعتادوا تقديم الصلوات والذبائح وقراءة قصة الخلق البابلية (إينوما إيليش). أما الأيام المتبقية من الاحتفالات، فكانت تتضمن، إلى جانب الشعائر الدينية، بعض الطقوس المرتبطة بالحياة الاجتماعية والسياسية.. ومن ضمن طقوس الاحتفال، كانت تمثيلية الكذبة الكبيرة (كذبة الأول من نيسان) إذ كان الملك يتنازل عن عرشه لمجرمٍ حُكم عليه بالموت، ويصبح العبد سيد البيت، على مدار ثمانية أيام يتنكر الشعب بأزياء وأقنعة تخفي حقيقتهم، إلى أن يأتي يوم الأول من نيسان ليصحو الناس من هذه الكذبة.

 

ماذا تعني (آكيتو)؟

يرى المختصون باللغات القديمة أن أصل الكلمة (آكيتو) سومريّ.  فالعلامة (آ) تعني المطر، و(كي) تعني الأرض، و(إت) فعل بمعنى يقرب. فيكون بذلك معنى الكلمة كاملاً تقريب الماء إلى الأرض.

 

ماذا تريد فرنسا؟

يقول الباحث الدكتور جوزيف زيتون: إنّ تسمية التقويم بالسوري أدقّ من تسميته بالآشوري، لأنّ الأقوام في سورية وبلاد الرافدين كلّها اعتمدته. ويضيف: إنّ السنة السورية القديمة تبدأ في الأول من إبريل، و(ظلّ هذا التقويم قائماً عند الحضارات السورية المتعاقبة، ومنها ممالك أوغاريت وإيبلا وماري وتدمر ودمشق. وبقي السوريون يبدؤون سنتهم في الأول من إبريل حتى وقت قريب. وانتقل إلى التقويم الغربي بشكل نهائي في بداية القرن العشرين في عهد الانتداب الفرنسي).‏

نعم، لقد أزال المستعمر الفرنسي هذه الطقوس بالقوة، فيما حرّمها رجال الدين بحجة أنها أعياد وثنية، كلاهما حارب هذا الجزء الجميل من تراث شعب حضاري (الآشوريين، والسريان).. في خطوة وقحة نحو جعل الناس يغرقون في ميوعة (كذبة نيسان)، كما يفعل اليوم من يقف خلف برامج التلفزيون المؤدية حتماً إلى تدمير الذائقة الفنية لدى هذه الأجيال (منذ ظهور الواوا وجماعة هيفا) زمن العهر الثقافي.

آكيتو بريخو، للأحبّة السوريين الراقيين!

العدد 1104 - 24/4/2024