رسالة إلى مريم…أمي.

فادي الياس نصار:

يقول المبدع الراحل حنا مينة: أنه حين كانت تسأله أمه “ماذا تكتب ياحنا”؟

كان يكذب عليها قائلاً :”قصة القديس بولس”.

فترسم الصليب على صدرها وتقول :’يتمجد اسمه، برافو ،لا تنسى أن تطلب منه أن يغير حالتنا التعيسة “.

وهكذا كان هو و وامه ينشدون نفس الشيء  تغيير الحال.

ويضيف حنا قائلاً  :  لكن أمي كانت تطلبه في السماء وأنا… أطلبه في الأرض .

 

أما أمي أنا فقد كانت تعلم أن القديسين لايستلمون رسائل مكتوبة، وإنما يسمعون لهفة قلبها..ويتكلمون فيما بينهم عن حنانها.

أمي…اسمها مقدس، كانت مريم الرفيقة الحنونة، الرقيقة الممتلئة نعمة، وكانت أيام خير وبركة، والحب من بين يديها يفور.

أمي

كلما كنت أحاول البكاء، تصرخ في وجهي : ماهكذا يكون الرجال.

وعندما أبكي تحضنني بدفء قائلة: إبكي فالدمع يغسل القلوب ويُذهب الهموم.

 

أمي التي عانت الألم ومرارة الزمن، وتحملت وجع الملاحقة والسجن الذي تعرض لهما زوجها الشيوعي،على  مدى أربعون عاماً، بقيت كالصنوبرة المضيئة التي لم تجرح خضرتها ثلوج الأيام ولاعواصف الشدة.

 

في عيدك أيتها الصنوبرة نعلق لك قلوبنا أيقونات عرفان ومحبة ليزداد ذكرك الطاهر عمقاً في نهاراتنا وليالينا .

-2-

أمي…تعرف ماركس وأصدقائه, وتحمل الفكر الثوري،  وتحب غيفارا حباً جماً، لكنها تحمل في صدرها دائماً، أيقونة العذراء مريم وصليب تقول أن مسيحه هو أبا الفقراء والمضطهدين.

-3-

أمي..كل الأمثال الشعبية مسكوبة في جرة خمر معتق، نشرب منها فلا  نرتوي ولاهي تنفذ، وفي كل مرة نشرب يكون الجميع الجميع ,إخوة أصدقاءًا و رفاقاً ومحبين،في اجتماع سري تأسيسي لتخليد ذكرى “الأم “سيدة الحب والانسانية، نعم في بيتنا العتيق، جميعنا نرفع نخبها

لأنها ست الحبايب,ست الكل، وأجمل الأُمهات،

لأنها نشيد الأناشيد، قبلةالوفاء، وبسملة كل الأشياء.

لأنهاخارطة الإيمان و لوحة الأمل في ليالينا الحزينة، الحضن الوديع والإكسير الذي يشفي القلوب الموجوعة …كانت مريم الحزينة، تحمل مظلومية الحسين في عباءة فقراء الحي…وتردد ضمن كلامها عن القهر والفقر الذي عاشته: والله لو كان “الفقر رجلاً لقتلته”.

أمي، جنة عطاء دخلتها يوم ولادتي ولم أخرج منها بعد…اليوم وفي هذا العيد اقطف الورود واهديها للأمهات السوريات الصامدات، المناضلات خارج اطار السياسة…مناضلات بالفطرة بدافع القهر والذل والحاجة…للأمهات اللواتي فقدن فلذات أكبادهن بسبب غباء كل المشتغلين على تعميق وتكبير جروح سوريا.(أمهات الشهداء)..كل عام وأنتن بالف خير.

وغطي عظامي بعشبٍ تعمد من طهر كعبك يا أمي….ستبقى ذكراك خالدة.

العدد 1104 - 24/4/2024