مرسوم الحوافز التشجيعية والحقوق المسلوبة

علي شوكت:

أعلنت الحكومة خلال شهر شباط الماضي تعليق العمل بمرسوم الحوافز التشجيعية الذي صدر في عام ٢٠٢٢، أو التريث في تطبيقه، ما استرعى استغراباً وتساؤلات عديدة لدى العاملين في الدولة حول تطبيق هذا المرسوم، وعن أسباب إيقاف العمل به أكانت ماليةً أم شيئاً آخر حال دون تطبيق مضمونه.

وفي مقابلة للسيدة وزيرة التنمية الإدارية على إحدى وسائل الإعلام (إذاعة صوت الشباب) بتاريخ التاسع عشر من شباط الماضي لهذا العام قدّمت إحاطة كاملة عن الهدف من مرسوم الحوافز التشجيعية من وجهة نظرها كوزيرة في الحكومة ووجهة نظر الحكومة ككل.

مع الاحترام الشديد للسيدة الوزيرة نقول: إن ما جاءت به في تصريحها وتوضيحها قد يبدو صحيحاً، لكن، للأسف الشديد، فشلت الوزارة المعنية والحكومة في تطبيق مرسوم الحوافز التشجيعية، وقد افتعلت بلبلة في صفوف العمال في كل قطاعات الدولة. وكان الأجدر والأَولى بالحكومة مجتمعة أن تدرس مشروع المرسوم من جميع جوانبه وأن تُشرك الإدارات والمستشارين الاقتصاديين والاتحاد العام لنقابات العمال في إمكانية تطبيق هذه الدراسة، وأن تعالج من أين تصرف ما يترتب عليه في موازناتها واعتماداتها المالية، وكيف ولمن تصرف، وما هي الضوابط والإجراءات الخاصة بالصرف قبل إصدار المرسوم.

ومن هنا يجب أن يُطرح السؤال أيضاً: بما أن السيدة الوزيرة طالبت بإيقاف المرسوم وإعادته مجدّداً إلى الحكومة، بعد أن صدر عن رئاسة الجمهورية وبمرسوم رئاسي، لماذا جرى إيقاف العمل بمنح الحوافز للعاملين منذ ما يقارب ٩ أشهر؟!!

ومن هو المسؤول عن ذلك؟! وهل سيُعاد العمل بنظام الحوافز القديم؟! وهل سيجري تعويض العاملين عن تلك الحوافز؟!

تلك تساؤلات يجب أن يضاء عليها ويحملها اتحاد نقابات العمال ويطرحها أمام مجلس الشعب وعلى طاولة الحكومة. ليس للحوار والنقاش بل لإعادة الحقوق المسلوبة للعمال، لأن الاتحاد العام لنقابات العمال هو المنوط به الدفاع عن حقوق الطبقة العاملة.

كما نود أن نقول للسيدة الوزيرة إن الزيادة الاخيرة على الرواتب هي ليست منّة، ولا مكرمة، لا من وزارتها ولا من الحكومة ولا من أحد آخر، بل هي جاءت محاولة فاشلة لرأب صدع الفارق الكبير جداً بين الرواتب والأجور، وتكاليف المعيشة التي يرزح تحت وطأتها جميع العاملين بأجر في القطاعات الحكومية كافة، فالرواتب والأجور باتت لا توفر الحد الأدنى لمتطلبات المعيشية ليوم أو يومين، وبات العمال وكأنهم يعملون سخرة أو بالمجان لدى الحكومة. كما أن الزيادات الأخيرة في الأسعار ورفع أسعار المحروقات والاتصالات والكهرباء والمياه والمواد الاستهلاكية وغيرها من السلع والمواد أجهض أي أمل في الزيادة الاخيرة على الرواتب وأيّ زيادة مرتقبة مستقبلاً.

لذلك نرى خروج وتسرّب عدد كبير من الموظفين الإداريين والكوادر الفنية الوطنية وتقديم استقالات تكاد تكون جماعية. وهي ظاهرة باتت تؤدي لكارثة حقيقية على الاقتصاد الوطني، بخروج تلك الكوادر المؤهلة من العملية الإنتاجية على المدى المنظور والبعيد بآن واحد، بسبب منعكسات الوضع الاقتصادي على الوضع المعيشي والفوارق الهائلة بين الرواتب ومتطلبات المعيشة.

لو حصل هذا في بلد ما يحترم مسؤولوه أنفسهم ويحترمون مواطنيهم كما حصل لدينا، لخرجت المظاهرات العمالية والشعبية لتملأ الشوارع، ولطالبوا ليس باستقالة الوزير المعني فقط، بل تعدّى ذلك للمطالبة بإسقاط الحكومة وحتى البرلمان.

وعليه، يجب أن نطالب المسؤولين المعنيين إما أن يجدوا حلولاً جذرية، أو أن يستقيلوا من مهامهم بعد فشلهم الذريع خلال مدة تكليفهم بإدارة الأزمة الاقتصادية، والانهيار شبه الكامل في المجال الاقتصادي في البلاد، وانعكاسها على مجمل الشعب السوري.

ونحن لا نشكّ أبداً في أن شعبنا العظيم، الذي قهر الغزاة والمعتدين وأفشل مؤامراتهم وخططهم خلال سني الحرب الكونية على بلدنا، قادرٌ على إنجاب قيادات ومسؤولين أكفاء قادرين على انتشال بلدهم وشعبهم مما أوصلهم إليه أعداء الداخل والخارج.

العدد 1105 - 01/5/2024