الصين تشهد انعقاد الدورتين السنويتين

د. سامي أبو عاصي – بكين:

تستضيف العاصمة بكين وعلى مدار عدة أيام اجتماعات الدورتين السنويتين، التي تعتبر أهم حدث سنوي ينتظره المراقبون الداخليون والخارجيون على حد سواء، وذلك لأن نتائج هذه الاجتماعات تعكس سياسات الصين المعتمدة في كل المجالات خلال السنة الصينية القادمة.

الدورتان السنويتان مصطلح يُشير إلى انعقاد دورة مجلس النواب الصيني والمجلس الاستشاري لنواب الشعب. إذ تقوم الاشتراكية ذات الخصائص الصينية على الجمع العضوي بين النظام السياسي الأساسي، والنظام السياسي الرئيسي، والنظام الاقتصادي الأساسي (وذلك حسب التعريف الوارد في كتاب (حول الحكم والإدارة) للرئيس الصيني شي جين بينغ). والمقصود بالنظام السياسي الأساسي نظام مجلس نواب الشعب. ومجلس نواب الشعب هو الشكل التنظيمي لسلطة جمهورية الصين الشعبية. ينتخب أبناء الشعب نوابهم لتشكيل المجلس الوطني لنواب الشعب والمجالس المحلية لنواب الشعب على المستويات المختلفة، لتكون أجهزة يمارس الشعب بها سلطة الدولة. إن المجلس الوطني لنواب الشعب أعلى جهاز لسلطة الدولة، له سلطة تعديل الدستور وسن القوانين وإقرار القضايا الهامة للدولة. أما المجالس المحلية لنواب الشعب على المستويات المختلفة، فهي أجهزة محلية لممارسة سلطة الدولة، تقرر مختلف القضايا الهامة المحلية وفقاً للصلاحيات الممنوحة من الدستور والقوانين والأنظمة المعنية.  أما المؤتمر الاستشاري لنواب الشعب فهو يضم ممثلين عن قطاعات الشعب المختلفة سواء كانت من الأحزاب السياسية أو النقابات المهنية أو ممثلي الأقليات القومية.

يتقدم ممثلو الشعب (نواب المجلس الوطني والمؤتمر الاستشاري) خلال اجتماع الدورتين بمقترحاتهم ومطالبهم المنقولة من (القاعدة الشعبية) التي يمثلونها. وتنقل هذه المقترحات (في حال تم الإجماع عليها) إلى مجلس الدولة الصيني أي الحكومة، التي تأخذها كدليل عمل في السنة المُقبلة.

وجرت العادة أن ينشر مجلس الدولة الصيني، قُبيل انعقاد الدورتين تقريراً يكشف فيه كمية المقترحات (التي تم التوصية بها من قبل نواب الدورتين) والتي تم تنفيذها، فعلى سبيل المثال بيّن التقرير الصادر عام 2023 أن المكاتب والإدارات التابعة لمجلس الدولة عالجت خلال عام 2022 أكثر من 8721 اقتراحاً من نواب المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني و5865 مقترحاً من أعضاء المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني، بنسبة 94.8 بالمئة و95 بالمئة من الإجمالي على التوالي.

وستقدم الحكومة أمام المجلس تقريراً عن عملها خلال العام المنصرم وتوجهاتها للعام القادم. وتتوجه الأنظار الآن إلى الخطط الاقتصادية التي ستتبناها الحكومة خلال العام القادم لتنشيط الاقتصاد الذي يمر بمرحلة التعافي بعد الخروج من أزمة الركود التي اتسم بها خلال فترة انتشار وباء كوفيد -19.

فلقد استطاعت الصين أن تحقق معدل النمو الاقتصادي الذي وضعته هدفاً لها خلال العام المنصرم والبالغ 5%، وذلك رغم التقلبات الشديدة التي شهدها قطاع العقارات والذي يساهم بنسبة 25% من الناتج المحلي الإجمالي، وفي ظل استمرار الإجراءات الأمريكية الحمائية الهادفة لتطويق التنين الصيني.

صندوق النقد الدولي والعديد من مراكز البحوث الاقتصادية يتوقعون أن ينمو الاقتصاد الصيني بمعدل أقل من العام الماضي، فقد توقع صندوق النقد الدولي أن يهبط معدل النمو إلى 4.5%. في حين يرى قسمٌ آخر من المحللين الاقتصاديين أن الإجراءات النقدية والمالية التي اتخذتها الحكومة خلال الأشهر الثلاثة الماضية كفيلة بالحفاظ على مستوى نمو متقارب مع ما حققه العام الماضي. فقد قامت الحكومة وفي إطار تحفيز الطلب بتخفيض الفائدة على القروض الطويلة الأجل (5 سنوات)، وخفضت متطلبات الاحتياطي الإلزامي للبنوك، وهذا ما قد يُساعد في توفير السيولة النقدية وتحريك سوق العقارات.

العدد 1105 - 01/5/2024