سعر الطابع بمزاج البائع والأطفال يحرمون من الحليب

السويداء- معين حمد العماطوري:

يبدو أن مرض التطنيش في واقعنا بات بالعدوى، بحيث نلاحظ أن البائع يطنش المستهلك، والعامل يطنش إدارته، والإدارة تطنش قرارات الجهات الأعلى، والحكومة تطنش الشعب، وحماية المستهلك ترفع ما تشاء باللحظة التي تشاء الأسعار دون اهتمام لأحد.

قصة الطابع:

قصة الطابع هي شكوى مقدمة من أحد المواطنين ونضعها في ذمة أصحاب القرار ملخصها:

ما إن تدخل اي دائرة حكومية بمعاملة حتى يطالعك الموظف المعني نحتاج إلى طابع بقيمة كذا وكذا، المواطن يذهب لشراء الطابع يقينا ان الطابع يساهم برفد الخزينة، وحين يصل المستهلك الى البائع تكون قيمة الطابع 330 ل س يصبح 1000 ل س فقط لمعاملة لا حكم عليه، عدا ثمن الاستمارة…لا حكم عليه معاملة مطلوبة بكل المعاملات تكلفتها 1500 ل س، لم نقل تكلفة معاملة الزواج في نقابة الأطباء التي باتت اكثر من 600 الف ل س ….هل هذه رسالة لتحديد النسل ام ماذا؟…

اثنين بواحد:

عند كل ليل تطالعنا وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بقراراتها، حيث ألزمت نفسها بعهد، أن لا تقبل أي وزارة أن ترفع سعر خدماتها قبل أن ترفع مقابلها سلع متنوعة وإلا لن تصبح حماية المستهلك، والدليل ما أن علمت أن شركة الاتصالات رفع أسعار المكالمات الخليوي والثابت وباقة الانترنت، حتى سارعت برفع البنزين الاوكتان 95 والمازوت الحر والفيول تحت ذريعة ربطها بسعر الصرف العالمي، ولكن هذه المرة كما يقال ضربة معلم.

لعل الخطوة التي اتخذتها حماية المستهلك كانت استباقية فهي لم تكتف بالتقليد العادي بين رفع وخفض في سعر البنزين الاوكتان 95 والمازوت الحر والغاز الفيول وغيرها، بل استطاعت تمريق رفع سعر حليب الأطفال بحيث رفعت العبوة الى 100 ألف ليرة تصوروا الموظف يشتري براتبه خلال الشهر فقط علبتين حليب لطفله المولود حديثاً اما باقي العائلة والأولاد عليهم الصوم ليكبر شقيقهم طوال حياتهم.

هذه الضربة الاستباقية عملت على ضرب عش من الطيور بحجر واحد:

اولاً أرسلت رسالة الى المجتمع أنه ممنوع الانجاب ولابد من تحديد النسل لان عبوة الحليب فقط بالسعر النظامي 100 الف ل س ولن تصل للمستهلك بأقل من 110 الف ل س.

ثانيا حملت رسالة أخرى لجيل الشباب الذين لم تسنح لهم الفرصة السفر او العمل في الممنوعات لتكوين ثروة مالية، ان لا يفكروا بالزواج والاستقرار المحلي.

ثالثاً على الشباب الذي بقي في وطنه والذي تورط في دراسة الجامعية وخاصة بالاختصاصات الملتزمة العمل بمؤسسات الدولة براتب 200 ألف ل س، يمنع عليهم أصلاً التفكير بتكوين الاسرة.

رابعاً ولعلها الأهم أن رفع سعر الحليب للأطفال ما يخفيه أكثر مما ظهر، فهي أيقنت بفشل تجاربها حينما رفعت أسعار لسلع غذائية للكبار لم يتأثروا ولم نسمع صوتاً لهم، وكان لابد أن يصل ذلك للأطفال بحيث لم يبق أمام الحكومة من انتزاع مقدرات الحياة من أي كائن حي فوق الجغرافية الوطنية سوى الأطفال وها هي تنزع منهم حليبهم لتملأ خزائنها المسروقة في جيوبها.

الشارع يسأل إلى متى الحكومة مستمرة في تطنيشها لمطالب الناس وأصواتهم وآلام معداتهم الفارغة جوعاً، وهل تعتبر جميع الأسر السورية لهم في الاغتراب أبناء.

لماذا لم تشاهد هذه الحكومة ان العديد من أفراد الشعب بات ينتظر الحاويات لعيش يومه….

لماذا لم تراع صراخ الأطفال بحليب قوتهم وغذائهم، وماذا يفعل الأب الذي لا يستطيع أن يجلب عبوة حليب لطفله. بهذا المبلغ الكبير..

هل لدى الجهات المعنية خطة حقا بشرعنة السرقة والفساد الذي بات اصلاً مشرعناً…

وبين حليب الأطفال والطابع ورفع الأسعار الجنوني براتب لا يكفي لعبوتين حليب كيف يمكن الاستمرار بالعيش يا سادة؟…وماذا نقول لأطفالنا وهم يصرخون جوعاً.. تبت يدا ابي لهب وتب

العدد 1105 - 01/5/2024