معاناة المواطنين من قلة المازوت.. ٥٠ ليتر مازوت مكافأة لمواجهة الشتاء!

رنيم سفر:

يعيش المواطن تحت ظروف قاسية ومحن لا تنتهي، فقد عصفت الحروب والنزاعات بالبلاد، ومع حلول فصل الشتاء، تزداد معاناته مع قلة المازوت وندرته، صعوبة في تدفئة جسده والحفاظ على ما بقي من النفس والروح في ظل البرد، فتلك الأيدي المجمدة لا تدفأ مهما التصقت بالجسد، والحال أن ٥٠ ليتراً لا تكفي للتدفئة بضعة أيام تعدّ على الأصابع من أيام البرد الصقيعي.

تجد الأسر نفسها في حيرة مع استلامها رسالة استلام مستحقاتهم من مادة المازوت: هل يقيمون الفرح أم العزاء لاستلامهم ٥٠ ليتراً فقط؟! إمدادات ضئيلة لا تُذكر، وتتفاقم المشكلة في المناطق الأكثر برداً، ففي اللاذقية يضرب المواطن أخماساً بأسداس، وبحسبةٍ سريعةٍ بعقله يستعرض سبل التدفئة فيسارع باستبعاد المازوت لأنه يكفي أياماً قلائل مهما قنّن ومهما استعمله بالتقطير، فيلوح بباله الغاز والدفء عليه ليستبعده هو أيضاً، فهو وسيلة مكلّفة وأسطوانة الغاز لا تكفي لحاجات الطبخ فكيف للتدفئة؟ وليس بالإمكان شراء أسطوانة الغاز من الخارج بأسعار تصل إلى السماء في الشتاء. أما الواقع الكهربائي فلن يكون له أثرٌ أغلب الأوقات، فلا أمل بالدفء به وأغلب الأسر استعاضت عن كل هذه الأمور بالحطب، على الرغم من حالات الحرائق بسببه التي سمعنا بها والاختناق الحاصل، ولكن فضلاً عن كل الأمور التي ذكرناها هل سألنا: لماذا ٥٠ ليتراً بالتحديد وليس ٦٠ أو ٧٠ لماذا هذا الرقم؟ ولماذا اعتدنا الفرح عند حصولنا على ٥٠ ليتراً؟ في الوقت الذي لا يكفي هذا الرقم لتدفئة ٥ أيام كاملة. بين كل الأسئلة المطروحة نسمع صوت مطالب في اللاذقية، فقد طالب المواطنون في الإسراع بعملية توزيع مازوت التدفئة قبل اشتداد فصل الشتاء وانخفاض درجات الحرارة بشكلٍ كبيرٍ، وخاصةً في مناطق الريف مؤكدين ضرورة زيادة الكميات الموزعة عليهم وإعادتها إلى 200 ليتر سنوياً كما كانت قبل سنوات (أيام الرخاء) أو ما نراها رخاء مقارنة مع اليوم، فحسب ذكرهم هذه الخمسين ليتراً لا تكفي في أيام البرد سوى عدة أيام لا تتجاوز أصابع اليدين، وإن زيادة الكمية تقي الفقير من البرد ومن جشع التجار الذين يبيعون المادة بأضعاف مضاعفة كلما حلّ الشتاء.

وأشار آخر إلى أن مبيع غالون المازوت سعة (20 ليتراً) يتجاوز اليوم ٢٥٠ ألف ليرة سورية ، والبعض يبيعه بما يقارب ٣٩٠ ألف ليرة سورية، مستغلين حاجة المواطنين للتدفئة وتعبئة المادة هذه الأوقات استعداداً للشتاء في عملية استباقية لارتفاع الأسعار خلال الأشهر المقبلة، وقد أكد البعض أن التأخر بتوزيع المازوت كل عام مشكلة كبيرة لذوي الدخل المحدود وحالتنا الاقتصادية بانهيار، والبعض لم تصلهم الرسالة أبداً، ونظراً إلى ذلك أكد معلّى إبراهيم (عضو المكتب التنفيذي المختص بقطاع التجارة الداخلية في محافظة اللاذقية) أن عملية توزيع مازوت التدفئة مستمرة منذ بداية شهر أيلول الفائت، وجرى التوزيع بنسبة تصل إلى 28 بالمئة حتى تاريخه. هذا التوزيع يجري وفق برنامج يشمل كل المناطق والأحياء بشكل تدريجي، بدءاً بالمناطق الريفية الجبلية الأكثر برودة. مضيفاً: إن التوزيع لن يتوقف حتى تحصل العائلات المسجلة على مخصصاتها بموجب البطاقة الإلكترونية بكمية 50 ليتراً في الدفعة الأولى لكل بطاقة، مبيناً أن عدد البطاقات المسجلة للحصول على المازوت هذا العام وصلت إلى 337059 بطاقة، منها 199510 بطاقات في الريف.

وبيّن إبراهيم أن التوزيع في المناطق الريفية يتم بوتيرة جيدة وسيتم الانتقال إلى المناطق المنخفضة ومنها إلى الأحياء في المدينة، فالتوزيع سيبدأ بالتوازي في المدينة مطلع الشهر المقبل بشكل يومي ولكن زيادة الطلبات اليومية يعني ارتفاع نسبة التوزيع من المادة على العائلات المسجلة، مؤكداً أن كل عائلة مسجلة ستحصل على مخصصاتها خلال أقرب وقت، وأن هناك وعوداً بزيادة المخصصات خلال الفترة المقبلة.

ولكن بعد كل ما سمعناه من قبل، هل ستنفذ الوعود المنسية؟ أم هي إبرة مورفين اعتدنا على أخذها لتسكين ألم أرواحنا وأملاً بِغَدٍ فيه أمل؟ كم ستتحمل أضلع الصغار والكبار؟ وبعد كل ما عانيناه من حربٍ ودمارٍ وأوضاعٍ معيشيةٍ متدهورةٍ وحصارٍ اقتصاديّ وزلزالٍ مدمر، ألا يكفي ما مررنا به لنعيش مثل باقي جنسنا، ألن تكون هناك مكافأة لصبرنا أقلّها العيش كمواطن مثل باقي الدول؟!

 

العدد 1105 - 01/5/2024