اقتصاد الحرب

د. عامر خربوطلي:

في الحرب تتغير الموازين والقواعد الاقتصادية وتصبح أولويات المقاومة والصمود في مقدمة الأهداف المطلوبة، في الحرب تُستنزَف الموارد الموجهة أصلاً للتنمية والتطوير وتتغير اتجاهات البوصلة وفقاً لمتطلبات القواعد الجديدة.

اقتصاد الحرب بشكل مبسط هو مجموعة من إجراءات الطوارئ التي تتخذها الدول لتعبئة اقتصادها لمتابعة الإنتاج أثناء الحرب، وتوفير الموارد الاقتصادية لضمان استمرارية التماسك على المستوى الداخلي وكسب المواجهة العسكرية.

واقتصاد الحرب يعني على مستوى الطلب الكلي للاقتصاد استخدام الموازنة الحكومية لضمان استقرار دورة الأعمال ومكافحة الركود، وعلى مستوى العرض الكلي يمكن للحروب أن تساهم في تسريع التقدم التكنولوجي لاحقاً مع تراجع في الدخل الفردي خلال فترة الحرب والأزمات نتيجة عوامل الخطر وعدم الاستقرار وتغيرات في البنى الاقتصادية والاجتماعية والشرائح الاجتماعية وظهور أثرياء الحرب وانتشار اقتصاد الظل أو غير المنظم، واستفحال ظاهرة الفساد. ولكن الوجه الآخر لاقتصاد الحرب هو تخصيص الموارد بشكل أمثل، والاعتماد على الذات، والتركيز على القطاعات الإنتاجية الداعمة للموارد، وترشيد الاستيراد والاستهلاك لتخفيض فجوة الطلب، واستخدام الأدوات الاقتصادية بصورة فعّالة للوصول إلى نتائج اقتصادية سريعة وقوية التأثير على مستوى الدخل القومي.

أما التطوير التكنولوجي فهو رديف اقتصاد الحرب من ناحية استخدام أدوات غير تقليدية لتعزيز الصمود والمقاومة، وإحداث اختراقات غير مألوفة في القطاعات التقليدية وتحويلها إلى قطاعات إبداعية فاعلة، وبالتالي داعمة بصورة أكبر لهذا الاقتصاد.

ما يهمّنا في هذا الحديث أن الاقتصاد السوري يعيش اقتصاد الحرب والاستنزاف سواء خلال الأزمة أو قبلها من خلال الصراع في المنطقة، وهو بحاجة إلى إجراءات استثنائية قد يكون في مقدمتها إلغاء الهدر ومحاربة الفساد ورفع الكفاءة الإنتاجية، وتخصيص الموارد نحو الأولويات، وتعزيز التشاركية، واستقدام الدعم الاقتصادي الخارجي واستثماره في تحديث البنى التحتية وتطويرها.

الأزمة التي مرت بها سورية رغم قسوتها هي فرصة تاريخية لإعادة بناء الاقتصاد السوري على قواعد جديدة أكثر تنافسية وأكثر إنتاجية وأكثر انفتاحاً وتجديداً.

 

العدد 1120 - 21/8/2024