معوقات الاستثمار في الذات وآثاراها على الشباب والمجتمع

د. عبادة دعدوش:

يُعتبر الاستثمار الذاتي من أهم أنواع الاستثمار لما له من نتائج مُثمرة تعود على الفرد ونموه الذاتي، وعلى المجتمع ككل بالفائدة أو ما يُسمّى بالعدوى الإيجابية، لأن اتجاه الأفراد نحو اكتشاف مواهبهم وإمكاناتهم وتطويرها ومن ثم استثمارها بالمكان الصحيح سيخلق عوائد أفضل ضمن عجلة تطور جديدة بعيدة عن التكرار والروتين والسلبية، وسيُحفّز الجميع لاستثمار الطاقات الشابة التي يجب أن تكون مُتجدّدة ضمن قطاعات متنوعة، وخلق أفكار إبداعية مُميّزة تضع الأفراد ومن ثم البلاد أمام طريق الاستثمار الهادف والبنّاء.

وقد نلاحظ أنّ هناك معوقات قد تحدّ من تقدّم الشباب اليوم نحو الاستثمار في الذات في ظلِّ الظروف الراهنة وتخلّيهم لربما عن الشغف والمحاولة في الخروج من قوقعة التقاليد المجتمعية التي تركّز على التسويف والتقييد بفكرة الالتزام بوظائف مُملّة وروتينية قاتلة للتطور والاكتشاف والإبداع.

من أبرز المعوقات التي تعترض طريق الاستثمار:

_المحيط، إحباطات وانتقادات الناس المحيطة بشكل دائم قد تكون عائقاً كبيراً أمام تقدم الفرد وتطويره لنفسه، وخاصة عندما يكون الفرد مُتردّداً وغير واثق بنفسه وبما يملك، وبذلك تكون أقل كلمة موجّهة له دافعاً ليتوقّف ويتّجه نحو طريق لا يرغب به ولا يماثل تطلعاته.

_التكاسل وعدم الاستمرارية، فأي عمل يحتاج إلى صبر والتزام واستمرار حتى تحصل على نتائج مرضية وجيدة، وانعدام الاستمرارية والملل سيجعلان من أيّة فرصة للاستثمار في القدرات والمواهب مضيعة للوقت ليس أكثر.

_انتظار مساعدة الآخرين، وهي من الأمور التي تجعل الفرد شخصاً اتكاليّاً، مُماطلاً لا يرغب بتطوير نفسه، فالاعتماد المستمر على الآخرين أو انتظارهم ليقدموا المساعدة سوف يُفقد الفرد فرصاً مهمة كانت تحتاج إلى خطوة منه، فالناس لا يمكنها مساعدتك إن لم تساعد نفسك.

_التشعّب في المهارات، الأمر الذي يؤدي إلى تشتّت الفرد وخسارته للوقت والفرص، لذلك يُنصح دائماً بالتخصّص بمجال أو مهارة معيّنة، والعمل على تطويرها وصقلها للحصول على الخبرة الكافية بها، تخصّص بما يجلب لك المال والمتعة معاً باختيارك لمهارة تُبدعُ بها وتتوافق فيها مقدرتك وموهبتك للحصول على نتائج أفضل.

_ العيش بالوهم، نلاحظ أن أكثر الناس يعيشون في وهم قائم على آراء أشخاص غيرهم، ويعتقدون بذلك أنهم يفعلون الصواب أو ما هو ضمن مقدراتهم، والحقيقة أنهم يعملون ضمن دائرة مُغلقة مع وهمٍ أكبر لنجاح سريع، مثلاً كالتوجّه نحو الدخل السريع غير الطبيعي.

_تجاهل نقطة مهمة أن التجارة تحتاج إلى مهارة وإدارة، فالتجارة ستعطي فرصاً مادية لكن لا يمكن انتظارها، بينما مع وجود المهارة والإدارة ستضمن الاستمرارية للوصول إلى درجات عالية وليس بالاعتماد على التوكّل فقط.

وأخيراً، عليك الخروج من مرحلة الحلم إلى مرحلة العمل والبحث عن مهارة إذا لم تكن موجودة لديك. والأهم، عليك أن تُصدّق أنَّ أهدافك قابلة للتحقيق، فعندما تؤمن بذلك فإن عقلك سيبحث بلا شكٍّ عن وسائل تجعلها تتحقّق رغم وجود أي عقبة أو عائق.

العدد 1107 - 22/5/2024