أقوال الحكومة.. وأفعالها!
علي شوكت:
يقول مثل روسي: (يصعب عليك قول الحق عندما تكون مستفيداً من الباطل).
وعليه، لا بد للناس وللقوى الخيرة التي تناهض الباطل، أن تقول الحقيقة، وإلا ستكون مرائية للباطل ومستفيدة منه، فتنتفي عنها تلك الصفة.
فعندما تقول الحكومة إنها ستقوم بدراسة الواقع الاقتصادي والمعيشي للمواطن، ولا تفعل ذلك، فهي تكذب. ودليل ذلك ازدياد الوضع المعاشي سوءاً، وازدياد الفقر المدقع جداً وازدياد عدد الموظفين المستقيلين من وظائفهم بسبب تدني الأجور والرواتب حتى بعد مرسوم الزيادة 100% زادت الاسعار 300%. وجرى تعويم الليرة فانخفضت قيمتها الشرائية لحدود غير مسبوقة في تاريخها. وبسبب شبه التخلي التام والكامل للحكومة عن الدعم لذوي الدخول المتدنية والفئات الأشد فقراً، ومحاولة الحكومة تخصيص القطاع العام بكل مؤسساته من كهرباء وصحة وتعليم وصناعة وزراعة … الخ. وهي بذلك تكون قد خرجت خارج الاطر الدستورية خاصة فيما يتعلق بتحسين الوضع المعيشي للمواطن والعاملين بأجر لديها، سواء من خلال خرقها للدستور في المادة 40 التي تقول:
“(لكل عامل أجر عادل بحسب نوعية العمل ومردوده على أن لا يقل عن الحد الأدنى للأجور الذي يتضمن متطلبات الحياة المعاشية وتغيّرها).
وعندما تقول وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك إنها ستقوم بتخفيض الأسعار وتساهم بالتدخل المباشر، وإنها ستقوم بتوزيع المقنن الغذائي شهرياً على المواطنين، ثم تمدِّد الفترات لشهرين وثلاثة أشهر وخمسة أشهر وأكثر، تكون قد حنثت بتعهدها وكذبت على المواطنين.
وعندما تعد وزارة الكهرباء بأنها ستقوم بتحسين واقع التقنين الكهربائي لمصلحة المواطن مع بداية الصيف، وتؤكد على جهوزيتها الدائمة وتشغيل كامل محطات التوليد، وتفرز خطوطاً ذهبية لأصحاب الشأن الرفيع والبازغين من مالكي الثروات والمال دون تقنين، تكون بذلك قد وضعت نفسها تحت وصاية سطوت أصحاب المال، فيما تركت المواطن ينهشه الظلام والعطش، وتجعله يتحمل أوزار الطبقة المخملية، فتزيد عليه ساعات التقنين لتصل إلى سبع ساعات قطع مقابل 20 دقيقة وصل، متذرعة بكل الحجج المتاحة وظروف الحرب وقوانين العقوبات، تكون بذلك أيضاً خرقت القانون والدستور.
وكذلك وزارة الزراعة عندما تتحدث عن عام القمح وأنها ستعمل على زراعة مساحات واسعة وتجعل الفلاحين يفلحون أرضهم ويبذرونها، وعند ساعة الحقيقة وأقماحهم في عمر التكوين تتخلّى عنهم لأنها لم تخطط لاستكمال وتوفير مستلزمات الإنتاج من بذار وسماد ووقود …الخ. فيفشل المشروع ويتكبد الفلاح معظم الخسائر إن لم يكن كلها. وقس على ذلك من زراعات كانت تسمّى فيما سبق: زراعات استراتيجية كالشوندر السكري والقطن …الخ.
يبيعون المواطن الوهم والفقر والتعب والشقاء، ويوسعون حلقات الفساد المالي والإداري ويخضعون المجتمع لمندرجاته وقوانينه، فيتعاملون مع التجار والموردين والمصدرين وأصحاب العقارات والمشاريع الاستثمارية وهوارين وحيتان المال، فيما يبقى المواطن يطحن الحنظل وينقعه ويشرب ماءه.
إن زيارة لأحد الوزراء أو المسؤولين لمنطقة ما تحتاج إلى مئات الملايين من الليرات السورية. فسيارة المسؤول سعرها قد يتجاوز مئات الملايين ومصروفها اليومي من الوقود إضافة إلى المرافقة والمهللين والمطبلين قد يتجاوز رواتب مئات الموظفين والعمال لشهر كامل.
وتتحجج الحكومة بالعقوبات والحصار.
الحمد لله ليس لدينا اي نقص بالسلع بكل أنواعها، لكن لدينا عجز في القدرة الشرائية، وما تزال الهوة شاسعة بين الأجور والرواتب ومتطلبات المعيشة رغم الزيادة. ومازال نزيف الشباب يسيح على طرقات المهجر. لا ندري بعد عام أو عامين هل سيبقى في سورية شباب؟!!